ريمونتادا تاريخية لبرشلونة أمام بينفيكا في دوري أبطال أوروبا 🤯

 


ريمونتادا برشلونة أمام بنفيكا: ليلة من الجنون الكروي والعودة من حافة الانهيار

في ليلة لا تُنسى من ليالي دوري أبطال أوروبا، عاش جمهور كرة القدم لحظات لا تصدق حين قلب برشلونة الطاولة على بنفيكا في واحدة من أكثر المباريات إثارة وتشويقًا في الموسم. ريمونتادا حقيقية كتب فيها الكتالونيون فصلًا جديدًا في ملحمة العودة بعد السقوط، وتركوا جماهيرهم في حالة من الدهشة والانفعال، وكأنهم شاهدوا فيلماً هوليووديًا لا تنقصه أي عناصر الإثارة: بداية مأساوية، صراع داخلي، صعود درامي، ونهاية منتصرة بأسلوب ملحمي.

البداية: صدمة في الدقيقة الثانية

ما إن أطلق الحكم صافرة البداية، حتى كانت الصدمة حاضرة. هدف مبكر للغاية من بنفيكا في الدقيقة الثانية، نتيجة خلل دفاعي غريب وارتباك واضح في صفوف برشلونة. بدا الفريق وكأنه دخل الملعب وهو لا يزال نائمًا، بينما استغل الفريق البرتغالي اللحظة وسجل أولى ضرباته. ومع هذا الهدف، دب القلق سريعًا في نفوس جماهير البلوغرانا، التي تساءلت في صمت: هل نحن بصدد انهيار جديد؟

ليفاندوفسكي يشعل الروح

لكن الرد لم يتأخر كثيرًا. ففي الدقيقة 13، ومن واحدة من لمسات الهداف الكبير، روبرت ليفاندوفسكي، سجل برشلونة هدف التعادل بطريقة جميلة أظهرت معدن النجم البولندي. هدف لم يكن فقط على مستوى النتيجة، بل على مستوى المعنويات أيضًا، حيث بدا أن الفريق استعاد شيئًا من هويته، من إيمانه بقدرته على الصمود والعودة.

أخطاء قاتلة وضربات موجعة

غير أن المباراة لم تمضِ في اتجاه التوازن كما توقع البعض. في الدقيقة 22، ارتكب الحارس تشيزني خطأ فادحًا عندما اصطدم بالمدافع أليخاندرو بالدي، مهدياً بنفيكا هدفًا ثانيًا يُعيدهم إلى المقدمة ويضع برشلونة من جديد تحت الضغط. وبعد أقل من 10 دقائق، وتحديدًا في الدقيقة 30، حصل بنفيكا على ركلة جزاء بعد خطأ في منطقة الجزاء، لم يتردد بافليديس في ترجمتها إلى هدف ثالث. ثلاثة أهداف في نصف ساعة! وبدأت الكاميرات ترصد وجوه الجماهير الكتالونية وقد خيّم عليها الذهول والصدمة.

الشوط الثاني: بداية الانبعاث

عاد برشلونة من الاستراحة وهو يدرك أن ما تبقى من زمن هو فرصة لإثبات الشخصية. في الدقيقة 64، ظهر رافينيا ليسجل هدفًا وصفه البعض بـ"الكوميدي"، نتيجة ارتباك دفاعي من بنفيكا وكأن الكرة أرادت أن تُعطي الفريق الإسباني قبلة الحياة. هدف أعاد الأمل، ولو قليلاً، بأن شيئًا ما قد يحدث، بأن هناك سيناريو آخر يُكتب في الخفاء.

لكن الأمل اصطدم مرة أخرى بالواقع القاسي. في الدقيقة 68، أحرز رونالد أراوخو هدفًا ضد مرماه، ليُعيد برشلونة إلى مربع الخطر. هدف صادم، كان من الممكن أن يجهز نفسيًا على اللاعبين، لكن ما حدث بعده كان شيئًا آخر تمامًا.

التحول: من الهزيمة إلى الجنون

في الدقيقة 77، تحصّل برشلونة على ركلة جزاء، نفذها ليفاندوفسكي بكل برود أعصاب، مسجلاً الهدف الثاني له والرابع لفريقه، ليُشعل المدرجات ويعيد المباراة إلى الحياة. أصبح الفريق بحاجة لهدفين فقط خلال أقل من ربع ساعة. جمهور الكامب نو أو الذين تابعوا من خلف الشاشات أدركوا أن ما سيحدث في الدقائق المتبقية قد يُخلد في كتب التاريخ.

الدقيقة 87 كانت لحظة الانفجار. جيرارد غارسيا، أحد الوجوه الشابة، سجل هدف التعادل الرابع بطريقة مذهلة، وسط ذهول بنفيكا الذي لم يعرف كيف يتصرف مع الضغط المتزايد. برشلونة الآن بات على بعد هدف واحد فقط من ريمونتادا مكتملة.

الختام: تمريرة بيدري ولمسة رافينيا القاتلة

ومع دخول الوقت بدل الضائع، ارتفعت نبضات القلوب، وارتجف الجميع من التوتر. لكن في الدقيقة 96، حدث ما لم يكن في الحسبان. تمريرة عبقرية من بيدري، صانع الألعاب الذي يلعب وكأن في قدميه رادار، وجدت رافينيا في مكان مثالي، لينقض على الكرة ويسجل الهدف الخامس، هدف الفوز، هدف التأهل، هدف الجنون. انفجرت المدرجات، وسقط لاعبو بنفيكا أرضًا من الذهول، بينما ركض لاعبو برشلونة كمن عاد من الموت.

رافينيا: رجل الليلة

إذا كان هناك لاعب يستحق لقب رجل المباراة، فهو بلا شك رافينيا. اللاعب الذي سجل هدفين، أحدهما حاسم في اللحظة الأخيرة، لم يكن فقط حاسمًا رقميًا، بل حاسمًا ذهنيًا. كان شرارة الأمل، وكان تجسيدًا للجرأة والقتال وعدم الاستسلام. تحركاته كانت ذكية، وقتاله على كل كرة كان مصدر إلهام لباقي زملائه، وتحول في هذه الليلة من جناح عادي إلى بطل استثنائي.

بيدري: صانع الأحلام

لكن لا يمكن تجاهل الدور المحوري لبيدري، الذي قدّم تمريرات ساحرة، وكان دينامو الوسط الذي لا يهدأ. لاعب يمتلك فهماً متقدماً للعبة، ويبدو وكأنه يسبق زمنه بأعوام. تمريرته الأخيرة إلى رافينيا لم تكن مجرد كرة عابرة، بل كانت بيانًا فنيًا يُدرّس في أكاديميات كرة القدم.

تشافي يربح الرهان

من زاوية أخرى، أثبت المدرب تشافي هيرنانديز أنه يعرف كيف يقرأ المباريات حينما تسوء الأمور. التبديلات التي قام بها في الشوط الثاني كانت مفتاح التحول الكبير. منح الفرصة للشباب، غيّر التكتيك من الاعتماد على العرضيات إلى اختراق العمق، واعتمد على الضغط العالي في اللحظات الحاسمة، وهو ما أثمر عن واحدة من أعظم العودات في تاريخه كمدرب.

برشلونة يتأهل ويبعث رسالة

بهذا الفوز، حسم برشلونة تأهله إلى دور الـ16 من دوري أبطال أوروبا، وضمن مكانًا بين أفضل 8 فرق في القارة العجوز. لكن الأهم من ذلك، أنه بعث برسالة إلى الجميع: برشلونة لم يمت، برشلونة ما زال هنا، فريق قادر على النهوض، على الرد، وعلى القتال حتى الصافرة الأخيرة.

كلمة أخيرة: لحظات تصنع التاريخ

هذه المباراة ستظل محفورة في ذاكرة كل من شاهدها.

 ليست فقط بسبب عدد الأهداف أو إثارة النتيجة، بل لأنها كشفت معدن فريق حقيقي، يرفض الاستسلام، ويؤمن بقدراته حتى في أحلك اللحظات. ريمونتادا برشلونة أمام بنفيكا كانت أكثر من مجرد فوز، كانت إثباتًا لروح لا تنكسر، وشخصية لا تموت، وجماهير لا تفقد الإيمان.