مانشستر يونايتد يسقط في الأولد ترافورد: أونانا في قلب العاصفة وسيناريو الانهيار يلوح في الأفق
في واحدة من أكثر الليالي إحباطًا في تاريخ مانشستر يونايتد الحديث، تلقى الفريق خسارة موجعة على أرضه وبين جماهيره من فريق برايتون بنتيجة 3-1، في سيناريو كان أقرب إلى الانهيار الجماعي منه إلى مجرد تعثر. النتيجة لم تكن فقط صدمة رقمية، بل كانت انعكاسًا عميقًا لأزمة متعددة الأبعاد تعصف بالفريق منذ بداية الموسم، وفي قلب هذه الفوضى وقف الحارس الكاميروني أندريه أونانا، المتهم الأول في السقوط المروع.
حارس بملايين… وأخطاء بالمجان
حين قرر مانشستر يونايتد التوقيع مع أندريه أونانا قادمًا من إنتر ميلان مقابل مبلغ ضخم، كان الهدف واضحًا: الحصول على حارس عصري يجيد اللعب بالقدم، يتناسب مع فلسفة البناء من الخلف، ويمنح الفريق ثقة فنية ومهارية في الثلث الدفاعي. لكن حتى اللحظة، لم يكن أونانا سوى مصدر دائم للتوتر، وأداة لهدم كل مجهود دفاعي أو هجومي للفريق.
أمام برايتون، ارتكب أونانا أخطاء لا تُغتفر على مستوى التمركز ورد الفعل، وبدلاً من أن يكون عنصر الأمان، كان نقطة ضعف مكشوفة أمام هجوم الخصم. الهدف الأول كان نتيجة تمركز كارثي، والهدف الثاني جاء بعد تمريرة غير محسوبة ساهمت في إرباك الخط الخلفي، بينما بدا وكأن الهدف الثالث كان دعوة مفتوحة للخصم ليعمّق الجراح.
اللافت أن أونانا لم يكن مضغوطًا طوال المباراة، إذ لم يكن برايتون فريقًا يقصف المرمى بوابل من التسديدات، لكنه كان فعالًا في استغلال الهفوات، وهذا ما يجعل المسؤولية على الحارس أكبر، لأن الخطأ الوحيد كان كافيًا لقلب المباراة.
برايتون… مدرسة في التنظيم وضبط الإيقاع
من الجانب الآخر، قدّم برايتون واحدة من أذكى مبارياته هذا الموسم. الفريق لم يدخل المباراة بشخصية الفريق الصغير، بل ظهر كما لو أنه يملك التفوق الذهني والتكتيكي من اللحظة الأولى. التنظيم في خط الوسط، والتحركات الذكية خلف أظهرة مانشستر، والضغط العالي المدروس، كلها كانت عناصر أثبتت أن الفوز لم يكن محض صدفة.
برايتون لعب بثقة وكأن الأولد ترافورد ملعبه، ولم يتأثر بحجم الخصم أو اسمه، بل استغل نقاط ضعفه بلا رحمة، وخصوصًا في خط الوسط والدفاع. وحتى عندما قلّص مانشستر الفارق، لم يُظهر الفريق أي توتر، بل استعاد توازنه بسرعة وأغلق المساحات بذكاء، مما يشير إلى عمل فني كبير من المدير الفني روبرتو دي زيربي.
انهيار فني ونفسي شامل في اليونايتد
النتيجة النهائية وضعت مانشستر يونايتد في المركز الثالث عشر في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز، وهو موقع لا يعكس فقط تراجعًا مؤقتًا، بل يكشف عن حالة ذهنية مهتزة، وجهاز فني في أزمة هوية، ولاعبين يفتقرون للثقة والتنظيم.
من الواضح أن الفريق يعاني من مشاكل بنيوية. الدفاع يبدو مفككًا، خط الوسط لا يملك القدرة على ضبط الإيقاع أو افتكاك الكرة، والهجوم يفتقر للحلول الفردية والجماعية، أما الحراسة فهي قنبلة موقوتة.
ولا يمكن تجاهل أن مانشستر يونايتد لم يعد يُخيف أحدًا. الفرق الزائرة للأولد ترافورد تلعب بثقة وجرأة، واللاعبون باتوا معرضين للسخرية والنقد اللاذع حتى من جماهيرهم.
روبن أموريم… بداية النهاية أم مرحلة انتقالية؟
المدرب البرتغالي روبن أموريم الذي جاء كرهان جديد لإدارة النادي خلفًا لإيريك تين هاغ، وجد نفسه في عين العاصفة مبكرًا. تصريحاته بعد المباراة كانت صادمة للكثيرين، حيث قال: "نحن الفريق الأسوأ ربما في تاريخ مانشستر يونايتد، علينا أن نعترف بذلك". هذه الكلمات، رغم قسوتها، تعكس حالة الإحباط والانكسار داخل غرفة الملابس، وتعبر عن إدراك داخلي بأن الأمور تتجه في مسار مظلم ما لم يحدث تغيير جذري.
المدرب كذلك أوضح سبب استبعاد ماركوس راشفورد، قائلًا: "مهما كان الأمر، لن أضع لاعبًا لا أعتقد أنه الأفضل للفريق. ماركوس خارج هذه اللحظة لأنه لا يلعب". هذه الكلمات قد تكون إشارة إلى أزمة انضباطية أو ربما خلاف تكتيكي، لكنها في كل الأحوال تكشف أن الانقسامات بدأت تطفو على السطح.
أموريم يبدو حائرًا بين رغبته في فرض الانضباط، وعجزه عن السيطرة على غرف الملابس، خصوصًا في ظل نجوم كبار يتطلب إدارتهم مزيجًا من الحزم والمرونة.
أزمة ثقة داخل غرفة الملابس
في مثل هذه الأوقات، لا يكون الخطر في النقاط المهدورة بقدر ما يكون في الثقة المفقودة. اللاعبون بدأوا يظهرون التذمر داخل الملعب، التفاهم بين الخطوط شبه معدوم، وكل هجمة مرتدة للخصم تبدو وكأنها نهاية العالم بالنسبة للدفاع.
ولا يخفى أن هناك حالة من اللامبالاة في أداء بعض اللاعبين، وغياب واضح للقادة الحقيقيين على أرض الملعب. لاعبين مثل برونو فيرنانديز وكاسيميرو بدوا عاجزين عن تحفيز زملائهم أو حتى تقديم الإضافة الفنية. أما القادمون الجدد، فيبدون كأجسام غريبة لم تجد مكانها بعد.
أرقام تفضح الواقع
إحصائيًا، مانشستر يونايتد تلقى أكثر من 10 أهداف في آخر 4 مباريات، بينما لم يحقق سوى فوز واحد في آخر خمس مواجهات. الأرقام تشير إلى تراجع مقلق في الخطوط الثلاثة، مع نسبة استحواذ لا تُترجم إلى فرص حقيقية، ومعدل تحويل للفرص من بين الأضعف في الدوري.
أما أونانا، فقد ارتكب هذا الموسم وحده أكثر من 5 أخطاء مباشرة أدت إلى أهداف، وهو رقم لا يُغتفر في نادٍ بحجم مانشستر يونايتد.
الجماهير… صدمة متكررة ومطالب بالتغيير
لم تكن جماهير مانشستر يونايتد بحاجة إلى هذه الهزيمة لتفقد أعصابها، لكن ما حدث في الأولد ترافورد كان القشة التي قصمت ظهر الصبر. مواقع التواصل الاجتماعي امتلأت بدعوات لإقالة الحارس، وآخرين يطالبون ببيع نصف الفريق، وهناك من يرى أن الإدارة تتحمل المسؤولية بسبب سياسة التعاقدات غير المتناسقة.
الحقيقة أن النادي يبدو اليوم ككيان تائه، لا يملك رؤية واضحة، ولا مشروعًا متماسكًا.
من الإدارة إلى المدرب، ومن اللاعبين إلى التعاقدات، كل شيء يحتاج إلى مراجعة.
ماذا بعد؟ وهل هناك طريق للعودة؟
الجدول لا يرحم، والمباريات القادمة أصعب، سواء على المستوى المحلي أو في دوري أبطال أوروبا. أي تعثر جديد سيعني اتساع الفجوة مع فرق المقدمة، وربما خروج مبكر من البطولات القارية. الفريق يحتاج إلى استعادة الثقة، بدءًا من حراسة المرمى وصولاً إلى رأس الحربة.
قد يكون الحل في الدفع ببعض الشباب، أو تغيير بعض الوجوه في التشكيلة الأساسية، أو ربما تعديل النهج التكتيكي نحو دفاع أكثر تحفظًا. لكن المؤكد أن بقاء الوضع على ما هو عليه يعني تكرار الكوارث.