أول خسارة لكونسيساو مدرب اس ميلان أمام جوفنتوس




ثنائية في الشوط الثاني تُسقط ميلان وتُبقي جوفنتوس بلا خسارة: أمسية حاسمة في أليانز ستاديوم

في ليلة كروية مثيرة ضمن منافسات الدوري الإيطالي، استضاف ملعب أليانز في مدينة تورينو قمة من قمم الكالشيو، جمعت بين فريقين عريقين بحجم جوفنتوس وإي سي ميلان. اللقاء لم يكن عاديًا على الإطلاق، بل حمل بين طياته الكثير من الترقب، وخصوصًا لجماهير "البيانكونيري" التي تمني النفس بموسم استثنائي، يعيد للفريق هيبته الضائعة في المواسم الأخيرة.

انتهت المواجهة بفوز مستحق لصالح جوفنتوس بنتيجة 2-0، حيث جاءت الأهداف في الشوط الثاني، بعد أداء متوازن في النصف الأول من اللقاء. هذا الفوز لم يمنح اليوفي ثلاث نقاط فحسب، بل منحهم دفعة معنوية هائلة في سباق الدوري الإيطالي، مؤكدين من جديد أنهم أحد أبرز المرشحين للقب هذا الموسم، بفضل التنظيم والصلابة والانضباط الذي يميز الفريق تحت قيادة مدربه الصارم.

شوط أول تكتيكي متوازن

دخل الفريقان اللقاء بحذر واضح. ميلان، بقيادة المدرب البرتغالي سيرجيو كونسيساو، والذي لا يزال في بداياته مع الروسونيري، حاول فرض أسلوبه القائم على السيطرة والاستحواذ. أما جوفنتوس، فكان أكثر تحفظًا، معتمدًا على التحولات السريعة واستغلال المساحات خلف دفاعات ميلان.

رغم أن الشوط الأول لم يشهد تسجيل أهداف، إلا أنه حمل بعض المحاولات الخطيرة من الطرفين. ميلان بدا أكثر استحواذًا على الكرة، ولكن دون نجاعة هجومية حقيقية، في ظل تألق مدافعي اليوفي بقيادة بريمر. في المقابل، اعتمد جوفنتوس على انطلاقات فابيو ميرتي وكييزا في محاولة لاختراق دفاع ميلان، لكن الحذر الدفاعي والصلابة في العمق حالت دون تهديد مرمى ماينان بشكل فعلي.

الملاحظ في هذا الشوط أن المدربين لعبا لعبة الأعصاب، حيث فضّلا قراءة الخصم جيدًا بدل المجازفة، وهو ما جعل الـ45 دقيقة الأولى تُحسم بالتكافؤ السلبي.

شوط ثاني... يوفي يُعلن التفوق

مع بداية الشوط الثاني، بدا واضحًا أن جوفنتوس قرر رفع الإيقاع. ظهرت علامات الرغبة في كسر الجمود، وفعلاً، لم تمضِ سوى دقائق قليلة حتى تمكّن الفريق من تسجيل الهدف الأول عبر هجمة مرتدة نموذجية، انتهت بتسديدة مركزة من دوسان فلاهوفيتش داخل الشباك، وسط فرحة عارمة من الجماهير في المدرجات.

الهدف الأول كان له تأثير مباشر على مجريات اللقاء. ميلان حاول الرد بسرعة، ولكن ظهرت علامات الارتباك على خط وسطه، خصوصًا مع الضغط العالي الذي بدأ يطبّقه لاعبو جوفنتوس. وسط هذا الاندفاع الميلاني، استغل اليوفي المساحات ونجح في تسجيل الهدف الثاني بعد 12 دقيقة فقط من الأول، وهذه المرة عبر تسديدة رائعة من خارج المنطقة عن طريق أدريان رابيو، ارتطمت بالقائم ودخلت المرمى، لتعلن تقدمًا صريحًا بثنائية.

بعد الهدف الثاني، بدا ميلان منهارًا من الناحية المعنوية، رغم التبديلات التي أجراها كونسيساو لتنشيط الفريق هجوميًا. ومع ذلك، لم ينجح في تقليص الفارق، في ظل الانضباط الدفاعي الحديدي لجوفنتوس، الذي عرف كيف يُغلق المنافذ ويُجمد الإيقاع وقت الحاجة.

دفاع اليوفي... عنوان الصلابة

واحدة من أبرز نقاط التفوق في أداء جوفنتوس هذا الموسم، والتي تجلّت بشكل خاص في هذه المباراة، هي القوة الدفاعية والانضباط التكتيكي. سواء في الدفاع الجماعي أو الفردي، بدا الفريق وكأنه يعرف جيدًا ما عليه فعله في كل لحظة من المباراة. بريمر وغان، قلبي الدفاع، قدّما مباراة كبيرة في التغطية والرقابة، بينما لعب الظهيران دورًا مزدوجًا في الدعم الدفاعي والهجومي.

الحارس تشيزني لم يُختبر كثيرًا، لكن حين استُدعي، كان حاضرًا. هذا يشير إلى توازن كبير في منظومة الفريق، وهو ما سمح لهم بالحفاظ على شباكهم نظيفة، ليُضيفوا مباراة جديدة إلى سلسلة المباريات التي لم يُهزموا فيها هذا الموسم.

سقوط أول لـ كونسيساو مع ميلان

من جهة أخرى، فإن هذه الخسارة تُعد ضربة معنوية لميلان، خصوصًا وأنها جاءت بعد سلسلة من النتائج الإيجابية منذ تولي كونسيساو مهمة التدريب. لم يكن الأداء الميلاني سيئًا من حيث التمركز أو الانتشار، لكن غابت الفاعلية الهجومية والتركيز الدفاعي في اللحظات الحاسمة، ما أدى إلى استقبال هدفين في وقت حساس من المباراة.

كونسيساو سيجد نفسه أمام تحدٍ كبير الآن، وهو إعادة التوازن للفريق وإعادة الثقة للاعبين، خاصة في ظل ضغط الجماهير والإعلام. لا تزال المنافسة مفتوحة، والخسارة ليست نهاية المطاف، لكن على ميلان أن يعيد تقييم أسلوب لعبه أمام الفرق الكبرى، خصوصًا في ظل التراجع في الشوط الثاني، وهو ما حدث أمام جوفنتوس بوضوح.

جدول الترتيب يشتعل

بفوزه هذا، رفع جوفنتوس رصيده إلى 37 نقطة، قافزًا مؤقتًا إلى المركز الرابع في جدول الترتيب، ليُرسل رسالة واضحة للمنافسين مفادها: "نحن هنا، وسنقاتل حتى النهاية". ويعكس هذا التقدم ثبات الفريق واستقراره الفني، الأمر الذي جعل منه خصمًا صعبًا لجميع الفرق، سواء على أرضه أو خارج الديار.

أما ميلان، فبقاؤه في المراكز المتقدمة لا يزال ممكنًا، لكنه أصبح مطالبًا بالعودة إلى سكة الانتصارات سريعًا، خصوصًا مع تقارب النقاط بين الفرق في المراكز من الثاني حتى السادس. خسارة واحدة قد تكلّف كثيرًا في هذا الصراع الشرس.

قراءة تكتيكية

من الناحية التكتيكية، تعامل مدرب جوفنتوس مع المباراة بذكاء. بدأ بحذر، وراقب تحركات ميلان، ثم بدأ في الشوط الثاني تنفيذ خطة الضغط العالي والهجوم السريع بعد استنزاف الخصم. هذه المرونة التكتيكية كانت مفتاح الفوز.

في المقابل، كونسيساو تأخر في إجراء التبديلات وتغيير الأسلوب، وربما بالغ في الاعتماد على البناء من الخلف، وهو ما استغله جوفنتوس في أكثر من لقطة.

الخلاصة: اليوفي يُعلن نفسه مرشحًا حقيقيًا

ليست النتيجة وحدها ما يثير الانتباه، بل الطريقة التي حقق بها جوفنتوس الفوز. في مباراة بحجم الكلاسيكو الإيطالي، يتطلب الأمر شخصية قوية، صلابة دفاعية، وحسم هجومي، وكلها عناصر توافرت في أداء اليوفي.

أما ميلان، فرغم الخسارة، لا يزال فريقًا قادرًا على العودة، لكن عليه أن يتعلم من هذه المباراة، خصوصًا في ما يتعلق بالتعامل مع الضغط في المواجهات الكبرى.

إنها مباراة قد لا تحسم لقبًا، لكنها بالتأكيد ترسم ملامح فرق تعرف كيف تقتنص الفرص، وتضع أقدامها بثقة على طريق المنافسة.