ريال مدريد يهزم لاس بالماس ويعود لصدارة الدوري الإسباني


ريال مدريد يُسحق لاس بالماس برباعية ويستعيد الصدارة: ليلة مدريدية بطابع أوروبي في الليغا

في ليلة كروية حافلة بالندية والإثارة، عاد ريال مدريد إلى قمة جدول ترتيب الدوري الإسباني بعد فوز ساحق على فريق لاس بالماس بنتيجة 4-1 في ملعب سانتياغو برنابيو، ضمن منافسات الجولة الـ20 من الليغا. المباراة لم تكن عادية على الإطلاق، بل حملت بين طياتها دروسًا فنية وتكتيكية وعودة نجم كبير، إلى جانب تألق نجم آخر أصبح حديث الساعة في مدريد، وهو كيليان مبابي، الذي سجل هدفين وصنع الفارق منذ اللحظات الأولى.

البداية الصادمة: هدف مبكر أربك الحسابات

لم تمر سوى 40 ثانية فقط حتى اهتزت شباك ريال مدريد بهدف مباغت من توقيع اللاعب فابيو من صفوف لاس بالماس، مستغلًا هفوة دفاعية مبكرة في العمق، بعد تمريرة سريعة اخترقت خط الوسط والدفاع، وسكنت الكرة شباك لونين، الذي بدا متفاجئًا مثل باقي زملائه.

هذا الهدف الصادم أجبر ريال مدريد على الخروج من نمطه التقليدي، ففرض ضغطًا عاليًا وتحرك بأريحية هجومية بقيادة لوكا مودريتش وتشواميني في محور الوسط، وبدأ الفريق في استعادة التوازن والسيطرة على إيقاع اللقاء.

مبابي يرد سريعًا ويؤكد مكانته

في الدقيقة 18، ومن هجمة مركبة بدأت من الجهة اليسرى، مرر فينيسيوس كرة عرضية زاحفة وجدت كيليان مبابي في المكان المثالي داخل منطقة الجزاء، ليودعها بثقة داخل الشباك. الهدف لم يكن فقط تعديلًا للنتيجة، بل كان رسالة من مبابي لجماهير البرنابيو: "أنا هنا لأصنع الفارق".

الهدف أعاد الروح للفريق الأبيض، فبات يتحرك بشكل أسرع وأكثر دقة، وتكررت المحاولات على مرمى الخصم، خصوصًا من الجهة اليمنى بوجود رودريغو.

إبراهيم دياز.. تألق مغربي بطابع مدريدي

جاء الدور في الدقيقة 33 على النجم المغربي إبراهيم دياز، الذي تلقى تمريرة حريرية من فالفيردي داخل منطقة الجزاء، ليتلاعب بالدفاع ويسدد كرة ذكية على يسار الحارس. دياز لم يكن مجرد مسجل هدف في هذه المباراة، بل كان نقطة توازن في الهجوم، يربط الخطوط، ويفتح المساحات أمام مبابي وفينيسيوس.

هذا الأداء الاستثنائي يعزز من حظوظه في الحصول على دقائق أكثر، وربما يكون أحد مفاتيح زيدان - في حال عودته المرتقبة - للموسم المقبل.

مبابي يعود مجددًا: الثنائية المثالية

لم تكد تمر سوى ثلاث دقائق حتى عاد مبابي إلى الواجهة، وبأسلوب يليق بنجوم الصف الأول في العالم. في الدقيقة 36، انطلق من الخلف بسرعة خارقة، واستغل تمريرة في العمق من دياز، لينفرد بالحارس ويسجل الهدف الثالث بطريقة فنية راقية، موقعًا على ثنائيته الشخصية ومثبتًا مرة أخرى أنه أحد أعمدة مشروع ريال مدريد الجديد.

رودريغو ينهي الأمور تمامًا

في الشوط الثاني، وبينما كان لاس بالماس يحاول العودة للمباراة بالضغط والانتشار، وجه ريال مدريد ضربة قاضية عبر اللاعب رودريغو، الذي سجل الهدف الرابع في الدقيقة 57، بعد تمريرة طولية من كامافينغا، استلمها رودريغو وسددها بقوة في الزاوية البعيدة. الهدف أنهى آمال الخصم تمامًا، وأكد سيطرة الميرينغي المطلقة.

ألابا يعود بعد غياب طويل: دفاع مدريد يكتمل

من اللحظات الأبرز في المباراة كانت عودة المدافع النمساوي دافيد ألابا بعد غياب دام 399 يومًا بسبب الإصابة الخطيرة التي تعرض لها في الركبة. دخوله في الدقيقة 60 لاقى ترحيبًا كبيرًا من الجماهير، ليس فقط لأنه من ركائز الدفاع، بل لما يمثله من ثبات وتجربة في الخط الخلفي.

ألابا بدا جاهزًا بدنيًا ونفسيًا، وقاد الخط الخلفي بثقة وهدوء، ما قد يشكل إضافة قوية جدًا للمدرب كارلو أنشيلوتي في قادم المباريات، خاصة مع إصابات متكررة طالت روديغر وميندي.

قراءة فنية للمباراة

1. الضغط العالي وإجبار الخصم على الأخطاء

ريال مدريد لم ينهار بعد الهدف الأول، بل طبق أسلوب الضغط العالي لاسترداد الكرة سريعًا. كان واضحًا أن أنشيلوتي طلب من اللاعبين الهجوم المنظم بدون استعجال، وهو ما ساعد على كسر التنظيم الدفاعي للاس بالماس بعد الدقيقة 15.

2. تنوع الحلول الهجومية

وجود دياز، مبابي، رودريغو وفينيسيوس، جميعهم يتبادلون الأدوار ويتنقلون بين الأطراف والعمق، منح مدريد مرونة كبيرة في التحرك وخلق الفرص، وهذا ما انعكس على تنوع الأهداف، فكل هدف جاء من نمط مختلف (عرضية، تمريرة عمودية، هجمة مرتدة...).

3. عمق دكة البدلاء

من الواضح أن ريال مدريد يمتلك واحدًا من أقوى دكات البدلاء في الليغا. دخول ألابا، سيبايوس، وخوسيلو في الشوط الثاني، عزز السيطرة وأراح الأساسيين دون تراجع في المستوى.

مبابي.. النجم الأول دون منازع

سجل هدفين، ساهم في خلق أكثر من 5 فرص محققة، وقدم مباراة متكاملة دفاعًا وهجومًا. مبابي بات اللاعب القائد للهجوم الملكي، ومع كل مباراة يثبت أنه الصفقة الأهم في السنوات الأخيرة للنادي.

أرقامه حتى الآن في الليغا مذهلة:

  • عدد الأهداف: 13
  • عدد التمريرات الحاسمة: 6
  • عدد التسديدات على المرمى في المباراة: 7
  • التقييم الإجمالي ضد لاس بالماس: 9.4/10

تداعيات الفوز على الصدارة

بفضل هذا الفوز، رفع ريال مدريد رصيده إلى 46 نقطة، متفوقًا على كل من جيرونا وبرشلونة وأتلتيكو مدريد، مما يمنحه أفضلية نفسية وفنية في الأسابيع المقبلة. الجدول الزمني للفريق يبدو مزدحمًا مع اقتراب منافسات دوري الأبطال، لذا فإن هذا الفوز الكبير يمنح دفعة كبيرة قبل مواجهة باير ليفركوزن في الأبطال

 

ريال مدريد جاهز لمعركة اللقب

بهذا الانتصار الكبير، يبعث ريال مدريد برسالة واضحة: "نحن الأقرب للقب، ولدينا القوة والعمق للمواصلة". الجماهير خرجت من ملعب البرنابيو وهي تهتف باسم مبابي وتحيي ألابا، وسط أجواء تفاؤلية تؤكد أن النادي الملكي يسير في الطريق الصحيح.

الأيام المقبلة ستشهد تحديات أكبر، لكن مع مبابي في أفضل حالاته، وعودة عناصر الخبرة، يبدو أن كتيبة أنشيلوتي تملك كل المقومات للاستمرار في القمة.