أتلتيكو مدريد يهزم كتيبة تشابي الونسو في دوري الأبطال

 

أتلتيكو مدريد ينجو من فخ ليفركوزن بفضل ألفاريز: دراما اللحظات الأخيرة تكتب الانتصار الأوروبي

في ليلة أوروبية من تلك التي لا تُنسى، وعلى أرضية ملعب اشتعلت فيها الحماسة حتى اللحظة الأخيرة، عاد أتلتيكو مدريد من بعيد ليحقق انتصارًا مثيرًا على باير ليفركوزن بنتيجة 2-1، في مباراة حبست الأنفاس وكتبت فصلًا جديدًا في ملحمة دوري أبطال أوروبا. وكما هي العادة، لم تكن العودة المدريدية وليدة صدفة، بل نتيجة إصرار، وشخصية حديدية، وتألق نجمٍ قرر أن يضع بصمته على الساحة القارية: جوليان ألفاريز.

شوط أول... ألماني الطابع

دخل الفريق الألماني المباراة بتركيز كبير، معتمدًا على سرعة التحولات والتمركز الجيد في الوسط. ليفركوزن بدا متماسكًا منذ البداية، مستغلًا بطء التحضير لدى أتلتيكو في بداية الشوط الأول. ورغم محاولات أتلتيكو الفردية، إلا أن دفاع الفريق الألماني بقي منظمًا، مغلقًا المنافذ أمام مهاجمي الفريق الإسباني.

وعندما ظن الجميع أن الشوط الأول سينتهي بالتعادل السلبي، ظهر المدافع الإكوادوري "بيرفس إستوبينان هنكابي"، ليسدد كرة صاروخية في الدقيقة 45 من خارج منطقة الجزاء، هزّت شباك يان أوبلاك، وأعلنت تقدم ليفركوزن بهدف نظيف، مُربكًا حسابات المدرب دييغو سيميوني قبل الدخول إلى غرف الملابس.

الشوط الثاني... ظهور ألفاريز وتحوّل المعركة

مع انطلاقة الشوط الثاني، بدا أن أتلتيكو مدريد قد دخل بعقلية مختلفة تمامًا. تحرك الفريق بسرعة أكبر، ضغط في مناطق الخصم، ولعب بثلاثة في الهجوم بقيادة ألفاريز، الذي كان قد ظهر هادئًا في الشوط الأول لكنه بدا وكأنه يتحفز لشيء كبير.

وفي الدقيقة 52، جاءت لحظة التحول. تمريرة بينية من كوكي، تخترق دفاع ليفركوزن، لتجد ألفاريز المنطلق بسرعة وثقة. لم يتردد، سدد الكرة بدقة على يسار الحارس، موقعًا هدف التعادل الذي أعاد الروح للفريق المدريدي، وأشعل المدرجات.

منذ تلك اللحظة، انقلبت المباراة رأسًا على عقب. سيطر أتلتيكو على وسط الملعب، وبدا أن الهدف فتح شهية اللاعبين. تحركات مولينا على الجهة اليمنى، ومراوغات لورينتي في العمق، كل ذلك زاد من الضغط على دفاع ليفركوزن، الذي بدأ في الانهيار الذهني شيئًا فشيئًا.

تراجع ألماني... وذكاء تكتيكي من سيميوني

سيميوني، الذي طالما اتُّهم بتحفظه، أدار المباراة ببراعة في الشوط الثاني. لم يكتف بالتعادل، بل دفع بأوريلين تشواميني في الوسط لمنح التوازن، وأشرك آنخيل كوريا لزيادة الضغط في الثلث الأخير.

أما ليفركوزن، فقد ارتكب خطأً تكتيكيًا شائعًا: التراجع المفرط للحفاظ على النتيجة. وهو أمر كلفهم غاليًا في ظل فريق مثل أتلتيكو يعرف جيدًا كيف يعاقبك إذا سمحت له بالسيطرة.

الدقيقة 90... لحظة الحسم

الدراما الحقيقية بدأت عندما دخلت المباراة وقتها القاتل. وبينما كانت النتيجة تشير إلى التعادل، وبدأت الأنفاس تتسارع، ظهر ألفاريز مجددًا. كرة مقطوعة من الدفاع الألماني في منتصف الملعب وصلت إلى كوكي، الذي مررها على الطرف الأيمن إلى كوريا، والأخير لعب كرة عرضية منخفضة إلى منطقة الجزاء.

ومن بين الجميع، ظهر ألفاريز من العدم، استقبل الكرة بخطوة واحدة وسدد بيمناه في الزاوية الضيقة، مسجلًا هدف الفوز في الدقيقة 90، لينفجر الملعب بالفرح، ويجثو لاعبو ليفركوزن في حسرة لا توصف.

ألفاريز: رجل اللحظة الأوروبية

النجم الأرجنتيني كان العنوان الأبرز لهذه الليلة. ففي ظل الحديث الدائم عن قدرته على التألق في الدوريات المحلية، جاء هذا اللقاء ليؤكد أن ألفاريز بات نجمًا أوروبيًا بامتياز. تحركاته الذكية، تمركزه داخل المنطقة، وبرود أعصابه أمام المرمى، كلها عوامل صنعت منه رجل المباراة دون منازع.

سجل هدفين حاسمين، أحدهما في توقيت مثالي والآخر في توقيت قاتل. أهدافه لم تكن فقط مجرد أرقام، بل كانت انعكاسًا لعقلية اللاعب القتالية والاحترافية.

سيميوني وتكتيك التحول: من الحذر إلى الهجوم

من الناحية الفنية، يحسب لسيميوني أنه قرأ المباراة بشكل ممتاز في الشوط الثاني. غير من رسمه التكتيكي، ودفع بعناصر هجومية جعلت الفريق أكثر مرونة وسرعة في بناء الهجمات. الأهم من ذلك، أنه استطاع إخراج أفضل ما في لاعبيه في اللحظات الحرجة.

أتلتيكو، الذي عانى في السنوات الأخيرة من مشكلة في ترجمة الفرص، بدا أكثر نضجًا وفاعلية أمام المرمى، ونجح في استغلال المساحات التي خلفها تراجع ليفركوزن.

ليفركوزن... دروس قاسية من ليلة مدريدية

أما الفريق الألماني، فعليه أن يعيد حساباته. صحيح أنه قدم شوطًا أولًا ممتازًا، لكن كرة القدم تُلعب على مدار 90 دقيقة. تراجع الأداء الذهني، والانكماش الدفاعي، كلف الفريق خسارة 3 نقاط كانت في المتناول.

مدرب الفريق، الذي حاول الحفاظ على التقدم، دفع ثمن هذا القرار، خصوصًا في ظل ضعف التغييرات التي أجراها والتي لم تضف أي تأثير على الإيقاع الدفاعي.

هذا هو دوري الأبطال

هذه المباراة ليست مجرد فوز وخسارة. إنها تذكير صارخ بأن دوري الأبطال لا يرحم. اللحظات تصنع الفارق، والتفاصيل الدقيقة هي من تقرر المصير.

 ما فعله أتلتيكو في الشوط الثاني كان تجسيدًا لشخصية الفريق العنيدة التي لا تقبل بالهزيمة بسهولة.

ومع صعود ألفاريز ليكون بطل الحكاية، يبقى السؤال مفتوحًا: هل نشهد ولادة نجم أرجنتيني جديد على الساحة الأوروبية؟ يبدو أن الجواب بدأ يتشكل الليلة، ومعه، يخطو أتلتيكو بثبات نحو أدوار متقدمة... بثقة من يعرف كيف ينتصر، حتى حين لا يبدأ بذلك.