مرموش يضيء ستاد الاتحاد: مانشستر سيتي يسقط تشيلسي بثلاثية ويبعث برسالة جديدة في سباق البريميرليغ
في ليلة كروية من ليالي الإثارة على ملعب الاتحاد، ووسط أجواء جماهيرية مشحونة بالحماس والترقب، نجح مانشستر سيتي في فرض هيبته على أحد خصومه التقليديين، تشيلسي، وحقق فوزًا مستحقًا بثلاثة أهداف مقابل هدف في الجولة الحادية عشرة من الدوري الإنجليزي الممتاز. غير أن ما ميز هذه المواجهة، إلى جانب تفوق كتيبة بيب غوارديولا، هو الظهور الأول المذهل للنجم المصري عمر مرموش بقميص السيتي، الذي أثار إعجاب الجماهير والمتابعين وترك بصمة فنية واضحة في أول اختبار له مع عملاق مانشستر.
■ البداية المرتبكة... وخطأ خوسانوف الفادح
منذ اللحظة الأولى لانطلاق صافرة الحكم، بدا أن تشيلسي جاد في التحدي، واستغل ارتباكًا دفاعيًا نادرًا في صفوف مانشستر سيتي، وتحديدًا من المدافع الشاب خوسانوف، الذي ارتكب خطأ كارثيًا في التمرير عند الدقيقة الثالثة، مرر الكرة بشكل متهور في العمق الدفاعي، ليخطفها الجناح السريع مادويكي وينفرد بالحارس إيدرسون، قبل أن يضع الكرة بثقة داخل الشباك.
الهدف المبكر وضع ضغطًا على السيتي، وأعطى تشيلسي دفعة معنوية للسيطرة على أول ربع ساعة، لكن جودة السيتي الذهنية ظهرت سريعًا، إذ لم يهتز الفريق وظل محافظًا على أسلوبه في البناء المنظم والهجوم المستمر.
■ مرموش: الظهور الأول لا يُنسى
في اللحظة التي أعلن فيها غوارديولا عن مشاركة عمر مرموش أساسيًا، تصاعدت التوقعات، وتضاربت الآراء. البعض تساءل إن كان اللاعب المصري قادرًا على مجاراة نسق السيتي العالي في أول ظهور له، بينما تساءل آخرون عن الدور الذي سيلعبه بين مجموعة من النجوم العالميين.
لكن مرموش لم يحتج سوى دقائق قليلة ليؤكد أنه لاعب بمواصفات خاصة. انطلاقاته على الجهة اليسرى أرهقت ريس جيمس، كما أظهر قدرة مميزة على الاحتفاظ بالكرة تحت الضغط، والقيام بالمراوغة في المساحات الضيقة. عند الدقيقة 28، انطلق بسرعة خاطفة واخترق منطقة الجزاء ومرر كرة عرضية خطيرة كادت أن تسفر عن هدف، لولا تدخل الحارس بتألق.
مرموش أيضًا شارك بفاعلية في الضغط العكسي، وتحرك بشكل ذكي في المساحات، ليمنح فريقه عمقًا هجوميًا إضافيًا لم يكن متوفرًا في المباريات السابقة.
■ هدف التعادل: حين يتحدث المدافعون بلغة المهاجمين
على الرغم من الصلابة الدفاعية التي قدمها تشيلسي في الشوط الأول، فإن السيتي تمكن من فك الشيفرة الزرقاء قبل نهاية الشوط. عند الدقيقة 42، جاء الفرج عن طريق المدافع الكرواتي غفارديول، الذي استغل كرة مرتدة داخل منطقة الجزاء وسددها بقوة في الشباك بعد تمريرة ذكية من مرموش على حدود المنطقة. الهدف لم يكن فقط تعديلًا للنتيجة، بل كان نقطة تحول نفسية في المباراة.
■ شوط ثانٍ بلون السيتي... واسم هالاند حاضر كالعادة
مع بداية الشوط الثاني، تغيرت الموازين بالكامل. عاد السيتي بقوة، واستحوذ على وسط الملعب، بينما بدا تشيلسي عاجزًا عن مجاراة نسق الضغط والتدوير السريع للكرة الذي يميز رجال غوارديولا. في الدقيقة 68، وبعد سلسلة تمريرات رائعة بدأت من مرموش مرورًا بروبن دياز، وصلت الكرة إلى إيرلينغ هالاند داخل منطقة الجزاء، فقام بتسديدة قوية بيسراه عانقت الشباك، موقعًا على الهدف الثاني للسيتي.
هالاند، الذي لم يكن في أفضل حالاته خلال الشوط الأول، أثبت مجددًا أن وجوده في الملعب كافٍ لتغيير المعادلة، فهو لا يحتاج إلى الكثير من الفرص ليسجل.
■ فودين يؤكد الانتصار
وعندما كان الجميع ينتظر رد فعل من تشيلسي في الدقائق الأخيرة، جاء فيل فودين ليقضي على كل آمال الفريق الضيف. عند الدقيقة 87، وبتمريرة متقنة من كيفين دي بروين، انفرد فودين وسدد الكرة ببراعة، معلنًا عن الهدف الثالث، ومانحًا السيتي فوزًا كبيرًا يؤكد به قدرته على المنافسة على اللقب مرة أخرى هذا الموسم.
■ قراءة فنية في أداء مانشستر سيتي
من الناحية التكتيكية، أدار بيب غوارديولا المباراة بذكاء. بدأ بخطة 4-3-3 الكلاسيكية، وأعطى الحرية لمرموش للتحرك على الرواق الأيسر، مستغلًا سرعة المصري في التحولات، بينما تولى برناردو سيلفا مهام الربط في العمق. الدفاع ارتكب خطأ وحيدًا لكنه سرعان ما استعاد توازنه، بينما كان خط الوسط بقيادة رودري وغوندوغان متماسكًا ويؤمن الاستحواذ بنسبة كبيرة.
ما يُحسب لغوارديولا هو ثقته في مرموش منذ البداية، ومنحه دورًا متقدمًا في التشكيلة، مما يدل على اقتناع فني كامل بإمكانياته.
■ ماذا تعني هذه المباراة لعمر مرموش؟
هذه المباراة قد تكون بمثابة نقطة انطلاق جديدة للنجم المصري، الذي عانى سابقًا من التهميش في بعض تجاربه الأوروبية. لكن في مانشستر سيتي، يبدو أن الفرصة قد أتت، والبيئة مهيأة لصناعة نجم عربي جديد في البريميرليغ.
مرموش أظهر في ظهوره الأول شخصية قوية، ومهارة فنية ناضجة، وقدرة على التأقلم السريع مع أسلوب اللعب الإنجليزي السريع. وإذا حافظ على هذا المستوى، فربما يكون هذا الموسم بمثابة بوابة للنجومية العالمية.
■ تشيلسي: علامات استفهام كثيرة
على الجانب الآخر، واصل تشيلسي إظهار وجهه المتقلب. الفريق الذي استبشر كثيرون بعودته تحت قيادة ماوريسيو بوتشيتينو، لا يزال يعاني من غياب التجانس وسوء التنظيم الدفاعي. ورغم التقدم المبكر، إلا أن الفريق انهار تمامًا في الشوط الثاني، وافتقد إلى حلول حقيقية في الهجوم.
ماوريسيو بوتشيتينو سيكون مطالبًا بإعادة ترتيب أوراقه سريعًا، خصوصًا أن الموسم لا يزال في بداياته، لكن الجماهير بدأت تفقد صبرها.
■ جماهير الاتحاد تهتف لمرموش
ما ميّز المباراة أيضًا كان تفاعل جماهير مانشستر سيتي مع عمر مرموش، حيث علت الهتافات باسمه عند خروجه في الدقيقة 80، وهو ما يعكس حجم التأثير الإيجابي الذي تركه على المدرجات. مشهد كهذا قد يكون بسيطًا للبعض، لكنه يحمل دلالات نفسية مهمة للاعب شاب يبدأ طريقه في أحد أعقد الفرق تكتيكيًا في العالم.
■ السيتي لا يرحم… ومرموش يبعث رسالة
فوز مانشستر سيتي على تشيلسي بثلاثية أكد أن الفريق لا يزال مرشحًا فوق العادة للاحتفاظ بلقبه في الدوري الإنجليزي. لكن ما ميّز هذا الانتصار ليس فقط الأهداف الثلاثة، بل ولادة قصة جديدة في ملعب الاتحاد: قصة عمر مرموش، اللاعب الذي جاء من الدوري الألماني ليبدأ فصلًا جديدًا في إنجلترا تحت أنظار العالم.
وإذا كان لكل بداية رهبة، فإن مرموش تخطاها بأناقة، وربما تكون هذه المباراة مجرد بداية لحكاية نجم عربي جديد في سماء البريميرليغ.