برشلونة يُشعل سباق الليغا: فوز صعب على ألافيس يُقلّص الفارق مع ريال مدريد إلى 4 نقاطواصل نادي برشلونة مسيرته التصاعدية في الدوري الإسباني، بتحقيق فوز ثمين خارج قواعده على حساب ديبورتيفو ألافيس بهدف نظيف، في لقاء اتسم بالصبر والانضباط التكتيكي. بهذا الانتصار، رفع الفريق الكتالوني رصيده إلى 65 نقطة، مقلصًا الفارق مع المتصدر ريال مدريد إلى 4 نقاط فقط، ما يُعيد الحسابات مجددًا في سباق الليغا ويُشعل المنافسة قبل الجولات الحاسمة.
الهدف الوحيد في اللقاء حمل توقيع النجم البولندي روبرت ليفاندوفسكي بعد تمريرة ساحرة من الموهوب لامين يامال، الذي خطف الأضواء من الجميع بأداء فردي مذهل نال به عن جدارة لقب "رجل المباراة".
يامال يتألق... وفليك يبتسم
لامين يامال، صاحب الـ16 عامًا، أثبت مجددًا أنه ظاهرة كروية حقيقية لا تخضع لقواعد العمر أو الخبرة. اللاعب الشاب شارك أساسيًا في المباراة ولعب 90 دقيقة كاملة، محققًا أرقامًا فردية مذهلة: 10 مراوغات ناجحة، 14 مواجهة ثنائية فاز بها، و3 فرص محققة صنعها لزملائه، إضافة إلى تمريرة حاسمة صنعت الفارق.
ما قدمه يامال يعكس العمل الذكي والممنهج الذي يقوم به المدرب الجديد هانسي فليك، الذي راهن عليه منذ وصوله إلى كتالونيا، ومنحه الثقة المطلقة في التشكيلة الأساسية، رغم صغر سنه. فليك يبدو أنه لا يبحث فقط عن النتائج الآنية، بل عن تأسيس منظومة هجومية متكاملة تُبنى على أساسات منضبطة ومواهب شابة يمكن تطويرها على المدى الطويل.
ليفاندوفسكي يعود للحسم
في الوقت الذي يواجه فيه انتقادات متزايدة حول تراجع معدله التهديفي مقارنة بالمواسم السابقة، رد ليفاندوفسكي بطريقته الخاصة. استغل الكرة التي مررها له يامال بمنتهى الدقة، وأسكنها الشباك بثقة، محققًا هدفه الثاني عشر هذا الموسم في الليغا.
اللافت أن العلاقة بين ليفا ويامال بدأت تتطور بوضوح داخل أرضية الميدان، حيث يعتمد المهاجم البولندي على تحركات الشاب الصاعد ومهاراته في خلق المساحات والفرص. ومن المؤكد أن فليك يُدرك أهمية هذا الثنائي، ويسعى إلى استثماره بشكل أكبر في المباريات القادمة.
فليك يُعيد التوازن والتماسك
منذ تعيينه مديرًا فنيًا لبرشلونة، ترك هانسي فليك بصمته سريعًا على أسلوب اللعب. لم يكتفِ بتحسين الأداء الهجومي، بل ركّز أيضًا على إعادة التوازن إلى المنظومة الدفاعية، وتنظيم الوسط بطريقة تقلل من فقدان الكرة وتزيد من سرعة الارتداد.
أمام ألافيس، لم تكن المباراة سهلة، فالفريق المنافس لعب بخطة دفاعية محكمة وهدد المرمى في أكثر من مناسبة، لكن فليك تعامل مع اللقاء بصبر ألماني معتاد. لم يُلقِ بكل أوراقه مبكرًا، وقرأ مجرياته بذكاء، معتمدًا على تدوير اللعب والتمرير العرضي لاستنزاف الخصم قبل توجيه الضربة القاتلة.
الدفاع يثبت علوّ كعبه
من بين أبرز الإيجابيات التي خرج بها برشلونة من المباراة، الأداء الدفاعي المنضبط بقيادة الثنائي كوندي وكريستنسن. الخط الخلفي بدا أكثر ثقة وتناغمًا، وهو ما كان يفتقده الفريق في بداية الموسم. كما قدّم تير شتيغن مباراة كبيرة، تصدى خلالها لمحاولتين خطيرتين في الشوط الأول، حافظ بهما على نظافة الشباك.
فليك يبدو أنه نقل شيئًا من فلسفته التي جعلت منتخب ألمانيا بطلًا لأوروبا في الضغط والصلابة، وبدأت هذه الملامح تظهر بوضوح على برشلونة.
مطاردة اللقب: المعركة مفتوحة
الفوز على ألافيس ليس فقط ثلاث نقاط جديدة، بل هو إعلان واضح أن برشلونة لن يتنازل عن حلم استعادة لقب الليغا، حتى وإن كانت الأفضلية الرقمية ما تزال في يد ريال مدريد. فارق الأربع نقاط يمكن أن ينقلب في لحظة، خصوصًا مع اقتراب مواجهات قوية لكلا الفريقين.
الضغط الآن أصبح مشتركًا: على ريال مدريد أن يحافظ على صدارته في ظل مطاردة شرسة، وعلى برشلونة أن يواصل انتصاراته بدون أخطاء، في موسم لا يقبل التهاون مع التفاصيل.
لامين يامال: نجم الجيل القادم
منذ سنوات لم تشهد أكاديمية لا ماسيا ظهور موهبة بهذه النضج في سن مبكرة. ما يقدمه لامين يامال هذا الموسم يفوق التوقعات: ذكاء تكتيكي، سرعة، مهارة، وجرأة في مواجهة المدافعين. وها هو يؤكد مجددًا أن بريقه لم يكن صدفة أو موجة عابرة، بل هو مشروع نجم كبير قادم بقوة.
في ظل إصابة غافي وتذبذب مستوى بعض الأسماء، بات يامال الركيزة الأساسية في خط الهجوم، ويبدو أن هانسي فليك سيبني الكثير من خياراته التكتيكية عليه في المستقبل القريب.
جماهير كتالونيا تتنفس أملاً
الانتصار خارج الأرض، والأداء المميز، واستمرار النتائج الإيجابية منذ تولي فليك المهمة، كلها عناصر تبث الأمل في نفوس جماهير برشلونة، التي عانت من التذبذب والإحباط لعدة مواسم بعد رحيل ميسي. الآن، يبدو أن الفريق وجد مدربًا يعرف كيف يتعامل مع الضغوط، ويملك أدوات التطوير والتحديث، خاصة مع جيل من اللاعبين الصغار يُظهرون التزامًا استثنائيًا.برشلونة قادم... مع فليك
رسالة برشلونة كانت واضحة أمام ألافيس: نحن هنا، ونحن عائدون. بقيادة هانسي فليك، وبفضل موهبة لامين يامال، وخبرة ليفاندوفسكي، وتماسك دفاعي متصاعد، يبدو أن الفريق يسير في الاتجاه الصحيح.
اللقب ما زال بعيدًا، لكن الأداء الحالي والتصاعد التدريجي في المستوى يمنحان الجماهير والمحللين على حد سواء ما يكفي من المؤشرات بأن برشلونة بدأ فعلاً استعادة هويته... وأن فليك قد يكون المهندس الحقيقي لمرحلة ما بعد التخبط.