برشلونة يكتسح إشبيلية برباعية ويقترب من ريال مدريد بفارق نقطتين



برشلونة يُسحق.. وإشبيلية يتلقى الدرس الألماني: رباعية من فليك بطابع كتالوني

بقلم: malakoora

في واحدة من أكثر الأمسيات الكروية اشتعالًا هذا الموسم، رسم نادي برشلونة لوحته الخاصة على أرضية الكامب نو، وأمطر شباك إشبيلية برباعية مدهشة حملت توقيع العقل المدبر الجديد: هانسي فليك.

ليست مجرد ثلاث نقاط، ولا حتى عرض هجومي تقليدي. ما حدث كان رسالة واضحة من المدرب الألماني، بأن مشروعه قد بدأ بالفعل، وبأن البلوغرانا بدأ يتنفس كرة حديثة، تعتمد على الحدة، السرعة، والضغط العالي، مع لمسة فنية تُعيد الجمهور إلى أيام المجد.

⏱️ بداية لا تعرف الانتظار: برشلونة ينقض كالنمر

منذ الدقيقة الأولى، بدا أن فليك لم يأتِ إلى الليغا كي "يجرب"، بل جاء ليفرض قواعده. تعليماته كانت واضحة: خنق الخصم منذ اللمسة الأولى، بناء الهجمة من العمق، وجرّ الأجنحة إلى الداخل لصناعة زخم هجومي.

وبالفعل، لم تمر سوى سبع دقائق حتى دوّى الهدف الأول، من توقيع "السفاح" روبرت ليفاندوفسكي، الذي استغل تمريرة متقنة من بيدري، وتحرك بذكاء داخل المنطقة ليُسكن الكرة في الشباك. هجمة تُدرّس من حيث التوقيت، التمركز، والتنفيذ.

لكنه كما هو معروف عن كرة القدم... لا تعترف بالعدالة المطلقة. إشبيلية رد سريعًا، بل بسرعة مذهلة. فقط 30 ثانية كانت كافية ليسجل فارغاس هدف التعادل، في لحظة كشفت خللًا مؤقتًا في التمركز الدفاعي، ربما لا يزال يطارد فليك من تركة الماضي.

🎭 الشوط الأول: معركة متكافئة... ولكن بنَفَس ألماني

رغم التعادل في النتيجة، فإن الشوط الأول كشف الكثير عن تحولات برشلونة. الفريق لم يعد يكتفي بالاستحواذ بلا فائدة، بل صار يعرف متى يضغط، متى يمرر، ومتى يُجمد النسق.

هانسي فليك، الذي عاش قمة المجد مع بايرن ميونيخ، لم يُخفِ رغبته في تطبيق أسلوبه الذي يعتمد على الضغط العالي والاسترجاع السريع للكرة، وهو ما ظهر بوضوح في طريقة تحركات بيدري، فيرمين، ورافينيا.

إشبيلية، في المقابل، لعب على المرتدات، مستغلًا سرعة أجنحته وتراجع ديمبلي في المهام الدفاعية. لكنهم لم ينجحوا في استغلال الأخطاء، وفشلوا في قلب الكفة قبل صافرة نهاية الشوط الأول.

🚀 بداية الشوط الثاني: البرسا يعود بوجهٍ مفترس

غرفة الملابس كانت مسرحًا لتعديلات فنية ونفسية من فليك. دخل الفريق الشوط الثاني كأنه خرج لتوه من خلية نحل. وفي الدقيقة 47، أثمرت تلك الطاقة عن الهدف الثاني، حين صنع بيدري لوحة فنية من التمريرات القصيرة، ختمها فيرمين لوبيز بتسديدة حاسمة.

بعدها بثماني دقائق فقط، جاء الهدف الثالث، وهذه المرة بتوقيع رافينيا الذي فاجأ الجميع بانطلاقته من الجهة اليمنى وتسديدته القاتلة.

المدرجات اشتعلت، والأنفاس تسارعت، والجماهير شعرت للمرة الأولى منذ مدة أن الفريق يُهاجم بثقة، ويُسيطر بأمان، ويفرض شخصيته على أحد أندية الليغا التاريخية.

🎯 التماسك الدفاعي؟ فليك لا يزال يُوازن المعادلة

رغم الثلاثية الهجومية، لم تكن الأمور مثالية. فليك ظل واقفًا على الخط، يصرخ، يُشير، ويُعدل. عيناه لا تغفلان عن أي هفوة دفاعية، وكان يعلم جيدًا أن مباراة تُدار بالإيقاع العالي قد تنقلب بلحظة.

وجاء ما كان يخشاه، لكن ليس بهدف عكسي، بل بمأساة إصابة المدافع رونالد أراوخو، الذي غادر الملعب وسط تصفيق جماعي بعد أن بدا عليه الألم واضحًا. إصابة قد تُكلّف الفريق كثيرًا في الأسابيع القادمة، خاصة مع جدول مزدحم بالمباريات.

ولأن الدراما لا تأتي فرادى، فقد حصل فيرمين على بطاقة حمراء في الدقيقة 80، بعد تدخل متهور، ليُعقد مهمة الفريق في الدقائق الأخيرة، لكن فليك تعامل بحنكة، وسحب الفريق للعب أذكى وأهدأ.

🧠 هانسي فليك... هندسة كروية تضع الأساس

ما ميّز هذا اللقاء ليس فقط الأهداف الأربعة، بل طريقة تطورها. كل هدف كان نتيجة لتحضير جماعي، وتمريرات ذكية، وتحركات منظمة. الفكرة الألمانية تسري الآن في شرايين برشلونة، ولم تعد مجرد وعود صحفية.

تحركات الأظهرة كانت دقيقة، محور بيدري–دي يونغ بدأ يتوازن، وأدوار رافينيا باتت أكثر وضوحًا في التحول من الدفاع للهجوم. أما ليفاندوفسكي، فقد عاد ليكون رأس الحربة القاتل، بعد فترة من التيه في الموسم الماضي.

🔚 الدقيقة 89: الضربة القاضية

وقبل أن تلفظ المباراة أنفاسها الأخيرة، ظهر البديل جارسيا ليُضيف الهدف الرابع، ويُعلنها رباعية كاملة تُترجم حجم السيطرة، وتُرسل إنذارًا واضحًا لبقية فرق الليغا.

فوز لم يكن فقط رقميًا، بل معنويًا، ورسالة من فليك لكل من اعتقد أن مشروعه يحتاج للوقت... ربما، لكنه بالتأكيد بدأ بإحداث أثر فوري.

🏆 صراع القمة: سباق مفتوح

بهذا الانتصار، رفع برشلونة رصيده ليحتل المركز الثالث، بفارق نقطة عن أتلتيكو مدريد ونقطتين فقط عن ريال مدريد. الصراع على اللقب لم يعد نظريًا، بل بات ميدانيًا، وكل جولة تُشبه معركة تكتيكية جديدة، خاصة في ظل ما يقدمه فليك من حلول مبتكرة.

في كرة القدم، يمكنك أن تفوز بالمباريات، لكن الفوز بالهوية هو ما يُبقيك في ذاكرة الجماهير. برشلونة تحت قيادة هانسي فليك بدأ يستعيد تلك الهوية. فريق يُهاجم كالعاصفة، يُدافع بتركيز، ويُقاتل بروح جماعية.

قد تكون مباراة ضد إشبيلية مجرد محطة في جدول مزدحم، لكن بالنسبة للجماهير، كانت أكثر من ذلك... كانت بوابة الأمل.