إسبانيول يفاجئ ريال مدريد بفوز ثمين ويخطف النقاط في الدوري الإسباني


اسبانيول يُسقط ريال مدريد ويخلط أوراق الليغا في ليلة غير متوقعة

في واحدة من أكبر مفاجآت الموسم، نجح نادي إسبانيول في إلحاق الهزيمة بريال مدريد متصدر الدوري الإسباني بهدف نظيف في اللقاء الذي جمع الفريقين ضمن منافسات الجولة الحالية من الليغا. وفي ليلة صاخبة على ملعب "كورنيّا إل برات"، قلب الفريق الكتالوني الطاولة على كل التوقعات، وانتزع ثلاث نقاط ثمينة من أنياب "الملكي"، الذي بدا باهتًا وفاقدًا للحلول رغم تفوقه في الترتيب والمواهب.

بداية غير متوقعة: إسبانيول بلا رهبة

منذ الدقيقة الأولى، بدا أن إسبانيول ليس في نية تقديم مباراة دفاعية تقليدية كما تفعل معظم فرق القاع أمام ريال مدريد. الفريق الذي يحتل المركز السابع عشر خاض المباراة بروح قتالية، واستطاع أن يفرض إيقاعه في كثير من لحظات الشوط الأول، مستغلًا التسرع والبرود الذي بدا على لاعبي ريال مدريد، وكأنهم يعتقدون أن النقاط الثلاث مضمونة.

الضغط العالي من إسبانيول أربك خط وسط ريال مدريد، الذي بدا غير متوازن في غياب توني كروس وبتراجع مستوى فالفيردي، في حين عانى تشواميني من التمريرات المقطوعة. وفي ظل هذا التراجع، كانت الهجمات المرتدة سلاحًا فعالًا في يد أصحاب الأرض.

إصابة روديجير... نقطة التحول السلبية

الضربة المؤلمة التي تلقاها ريال مدريد كانت بخروج المدافع الألماني أنطونيو روديجير مصابًا قبل نهاية الشوط الأول. إصابة غير متوقعة أربكت حسابات أنشيلوتي، ودفعته للاعتماد على ناتشو في محور الدفاع، مما تسبب في بعض التراخي الدفاعي، وترك فجوات لم تكن موجودة سابقًا. غياب الصلابة التي كان يمثلها روديجير كان له أثر مباشر في تقليل الهيبة الدفاعية التي يتمتع بها الفريق الملكي.

هذا التغيير الاضطراري لم يؤثر فقط على الخط الخلفي، بل على التوازن النفسي للفريق، الذي بدأ يشعر بأن المباراة قد تكون أصعب مما تصور.

ريال مدريد بلا أنياب: هجوم يفتقد الفاعلية

رغم السيطرة النسبية في الشوط الثاني، إلا أن ريال مدريد لم يكن في يومه الهجومي. كريم بنزيما، الذي بدا معزولًا أغلب أوقات اللقاء، لم يتلقّ التمريرات الحاسمة التي تتيح له صناعة الفارق. أما كيليان مبابي، فكان تحت رقابة لصيقة من مدافعَي إسبانيول، ورغم بعض المحاولات الفردية، فإن تأثيره كان محدودًا.

فينيسيوس جونيور، الذي عادة ما يُحدث الفارق بانطلاقاته، وجد نفسه عاجزًا عن اختراق الدفاعات المحكمة لإسبانيول. ويبدو أن مدرب الفريق الكتالوني قد أعدّ خطة محكمة لتقييد أجنحة مدريد، مما أضعف كثيرًا من فاعلية العرضيات والاختراقات الجانبية.

الدقيقة 85... اللحظة القاتلة

ومع اقتراب المباراة من نهايتها، ظنّ كثيرون أن ريال مدريد سيكتفي بنقطة قد تكون مقبولة في ظل تماسك إسبانيول، لكن الفريق الكتالوني فاجأ الجميع في الدقيقة 85، حين استغل اللاعب كارلوس روميرو ارتباكًا في الدفاع المدريدي وسجل هدف الفوز بتسديدة متقنة في الزاوية البعيدة للحارس لونين.

كان الهدف بمثابة صفعة قوية لأنشيلوتي ولاعبيه، الذين لم ينجحوا في الرد خلال الدقائق المتبقية. ولأول مرة منذ فترة، بدا الفريق الأبيض غير قادر على العودة، رغم أنه متخصص في "الريمونتادا" في مثل هذه الظروف.

أنشيلوتي يثور: قرار الحكم يثير الجدل

ما بعد المباراة كان أكثر سخونة من داخل الملعب، حين خرج المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي غاضبًا من قرار الحكم بعدم احتساب ركلة جزاء لصالح مبابي بعد عرقلة واضحة داخل منطقة الجزاء. وصرّح المدرب قائلاً: "بسبب القرار الذي اتخذه الحكم وتقنية الفيديو بشأن عرقلة مبابي، لا يمكن تفسيره. لقد شاهدنا الإعادة مرارًا، ولم يكن هناك أدنى شك في وجود المخالفة."

تصريح أنشيلوتي فتح الباب أمام تساؤلات واسعة حول أداء التحكيم في المباراة، لا سيما أن اللقطة جاءت قبل دقائق من هدف إسبانيول، وكان يمكن أن تغيّر مجريات اللقاء تمامًا. الصحف المدريدية لم تتأخر في دعم موقف المدرب، بينما رأت الصحف الكتالونية أن ريال مدريد لم يقدم ما يكفي للفوز.

فوز تاريخي لإسبانيول: روح البقاء حاضرة

انتصار إسبانيول لم يكن مجرد ثلاث نقاط، بل كان تجسيدًا لإرادة البقاء والصمود، وروح الفريق الذي يرفض الاستسلام. وبعد سلسلة من النتائج السلبية، جاء هذا الفوز كدفعة معنوية هائلة، ليس فقط لتحسين مركز الفريق، بل لتأكيد أنه لا يوجد مستحيل في كرة القدم.

المدرب أوسكار غارسيا، الذي كان تحت ضغط جماهيري كبير بسبب تراجع النتائج، تلقى دعمًا كبيرًا بعد هذا الانتصار، وأثبت قدرته على التعامل مع المباريات الكبرى. وقد يكون هذا الفوز نقطة الانطلاق الحقيقية نحو البقاء في الليغا هذا الموسم.

صدارة مهددة: أتلتيكو في الصورة

مع هذه الخسارة، تجمد رصيد ريال مدريد عند 68 نقطة، وبات مهددًا بفقدان الصدارة في حال فاز أتلتيكو مدريد بمباراته المقبلة. وهذا ما يضع ضغطًا إضافيًا على أنشيلوتي، الذي سيكون مطالبًا بتعديل المسار فورًا، وتجنب المزيد من المفاجآت، خصوصًا في ظل اقتراب المراحل الحاسمة من الموسم.

الجماهير بدأت تطرح أسئلة حول مدى الجاهزية الذهنية للفريق، خاصة أن الفريق يعاني أيضًا على الصعيد الأوروبي، وقد تكون مثل هذه الهزائم مؤشرًا على تراجع التركيز أو الإرهاق البدني، أو حتى مشاكل في التدوير الفني.

إلى أين يتجه ريال مدريد؟

الهزيمة أمام إسبانيول فتحت الباب أمام الكثير من علامات الاستفهام. هل أصبح ريال مدريد أقل فاعلية أمام الفرق الصغيرة؟ هل غياب البدائل المناسبة سبب رئيسي في تكرار السقوط؟ وهل أنشيلوتي بحاجة إلى مراجعة خططه التكتيكية، خاصة في الشق الهجومي؟

ما هو مؤكد أن المرحلة القادمة لن تكون سهلة، سواء في الدوري أو في دوري الأبطال. فالفرق بدأت تجد الثغرات في منظومة ريال مدريد، والخصوم لم يعودوا يواجهون الفريق الملكي بالخوف ذاته كما في السابق.

 درس قاسٍ قبل الحسم

في النهاية، قد تكون خسارة ريال مدريد أمام إسبانيول درسًا في التواضع والانتباه، وجرس إنذار قبل الدخول في الأسابيع الحاسمة. أما إسبانيول، فقد أثبت أن الروح القتالية، والتحضير الذهني السليم، يمكن أن يُحدث المفاجآت حتى أمام أعتى الفرق.

إنها كرة القدم في أجمل صورها، حين يتغلب الأمل على الواقع، وتنتصر الإرادة على الأسماء. والسؤال الآن: كيف سيرد ريال مدريد؟ وهل سيعيد التوازن سريعًا، أم أن هذه الخسارة ستكون بداية سلسلة من المطبات؟

الأيام القادمة كفيلة بالإجابة.