نيكو غونزاليس إلى مانشستر سيتي: صفقة تبني المستقبل وتكشف حاجة بيب الملحّة للسيطرة من جديد
في خطوة مفاجئة لكن محسوبة، أعلن نادي مانشستر سيتي الإنجليزي عن تعاقده رسميًا مع لاعب الوسط الإسباني الشاب نيكو غونزاليس، قادمًا من نادي بورتو البرتغالي، مقابل 60 مليون يورو، بعقد يمتد حتى يونيو 2029.
"هذه الصفقة لفتت الأنظار ، ليس فقط بسبب سعرها أو سن اللاعب، بل لما تمثله من خطوة استراتيجية ضمن رؤية بيب غوارديولا لإعادة هيكلة خط الوسط، وبناء توازن جديد بعد موسم اتّسم بالتذبذب والتحديات."
🔁 تفاصيل الصفقة: مرونة مالية وصفقة متدرجة
رغم أن مبلغ 60 مليون يورو يبدو ضخمًا بالنسبة للاعب لم يتجاوز الثالثة والعشرين، فإن إدارة مانشستر سيتي نجحت في تقسيط قيمة الصفقة على دفعات، ما يمنح النادي هامشًا ماليًا أكبر للتحرك في سوق الانتقالات، خاصة في ظل تشديد قوانين اللعب المالي النظيف.
من جهة أخرى، استفاد نادي برشلونة من هذه الصفقة بشكل غير مباشر، إذ حصل على 13 مليون يورو نتيجة وجود شرط إعادة بيع في عقد نيكو مع بورتو، حين غادر الكامب نو في صيف 2023.
ورغم أن النادي الكتالوني لم يحتفظ بخدمات اللاعب، إلا أنه يستفيد الآن من قرار إداري استراتيجي تم اتخاذه قبل عامين.
نيكو غونزاليس: لاعب وسط بمواصفات برشلونة... لمشروع مانشستر سيتي
نيكو هو نجل النجم السابق فران غونزاليس، لاعب ديبورتيفو لاكورونيا ومنتخب إسبانيا، وقد ترعرع داخل أكاديمية لاماسيا الشهيرة في برشلونة. يمتاز بذكاء تكتيكي، وتمركز رائع، وقوة في افتكاك الكرة، بالإضافة إلى قدرته على التمرير الطويل القصير والدقيق. إنه يجمع بين أسلوب "الباس-بوس" الكتالوني، والصلابة الدفاعية التي طورها في الدوري البرتغالي مع بورتو.
يستطيع اللعب في مراكز متعددة في وسط الميدان: كمحور ارتكاز، أو لاعب وسط Box-to-box، بل ويمكنه أحيانًا التقدم للثلث الأخير وصناعة الفرص. هذا التنوع التكتيكي يجعله نموذجًا مثاليًا للعب تحت قيادة مدرب مثل بيب غوارديولا، الذي يُفضل اللاعبين القادرين على تأدية عدة أدوار بمرونة ودقة.
غوارديولا والبحث عن التوازن الضائع
في الموسم الماضي، بدا أن بيب غوارديولا قد فقد شيئًا من التوازن في وسط ميدانه، بعد اصابة رودري، بالإضافة إلى الإصابات المتكررة التي ضربت كيفين دي بروين.
هذا جعل الفريق أكثر اعتمادًا على رودري، الذي أظهر إجهادًا كبيرًا في النصف الثاني من الموسم، ما انعكس على نتائج السيتي، خاصة في دوري الأبطال حيث ودّع البطولة أمام ريال مدريد.
من هنا، جاءت صفقة نيكو غونزاليس كتحرك استراتيجي لمعالجة هذا الخلل. اللاعب قادر على تقديم الدعم لرودري، أو حتى تعويضه في حال الغياب. كما يمنح بيب خيارًا آخر للعب بمحور مزدوج، أو الدخول في منظومة 4-3-3 التي يحبذها، مع مرونة تكتيكية واسعة.
ضغط الجماهير والإعلام... وصفقة تأتي في وقت حساس
لا يمكن تجاهل أن هذه الصفقة تأتي في وقت حساس للغاية بالنسبة لبيب غوارديولا. ورغم تتويجه مؤخرًا بالدوري، فإن الإقصاء الأوروبي، بالإضافة إلى بعض القرارات التكتيكية المثيرة للجدل، جعلت بعض الجماهير تشكك في "شغف بيب المتجدد". وبدأت تساؤلات تُطرح: هل فقد بيب الحافز؟ هل الفريق بحاجة إلى ثورة جديدة في التشكيلة؟
وهنا، تظهر صفقة نيكو كرسالة مباشرة من الإدارة والمدرب: "نحن نُعيد بناء الفريق، ونخطط للمستقبل". فالتعاقد مع لاعب شاب، بإمكانات عالية، وبتكلفة كبيرة، يدل على أن مانشستر سيتي لا يبحث عن لحظة مؤقتة من النجاح، بل يسعى لاستدامة المشروع وتطوره.
🇪🇸 لاعب إسباني آخر في كتيبة بيب
مع قدوم نيكو غونزاليس، يرتفع عدد اللاعبين الإسبان في مانشستر سيتي إلى 4، بعد رودري، لابورت (قبل رحيله)، وسيرجيو غوميز. وهو ما يؤكد ميول بيب الواضحة للاعبين القادمين من بيئة مشابهة لأسلوبه. فنيكو ليس غريبًا على فلسفة "التمرير، التحرك، السيطرة"، بل هو نتاج بيئة كروية نشأ فيها بيب نفسه.
كما أن نيكو سيكون أكثر تأقلمًا مع أسلوب اللعب السريع والتحولات المستمرة في الدوري الإنجليزي، نظرًا لتجربته في الليغا، ثم في البرتغال، ما يمنحه زخمًا ذهنيًا وبدنيًا لمجاراة النسق المرتفع للبريميرليغ.
ماذا بعد؟ هل نيكو هو الصفقة الأخيرة للسيتي؟
رغم أن الإدارة أعلنت رسميًا ضم نيكو، إلا أن مصادر عديدة تشير إلى أن مانشستر سيتي لن يكتفي بهذه الصفقة. فالفريق ما يزال بحاجة إلى جناح هجومي بديل لرياض محرز، وربما ظهير أيسر في حال مغادرة جواو كانسيلو نهائيًا.
لكن الأكيد أن صفقة نيكو تُشكل لبنة أساسية في هيكل الفريق الجديد. ومع انتقال دي بروين إلى نابولي، بحسب التقارير المتزايدة، فإن نيكو قد يتحول من "صفقة مستقبل" إلى "قلب وسط السيتي" في أقرب مما نتوقع.
💬 ردود الأفعال: بين تفاؤل وانتقادات
تفاوتت آراء جماهير السيتي بعد الإعلان الرسمي. فالبعض عبّر عن تفاؤله بالصفقة، معتبرًا أنها خطوة ذكية لإعادة ضبط وسط الميدان، وضخ دماء جديدة في فريق يعتمد كثيرًا على منظومته الجماعية.
بينما رأى آخرون أن الرقم المدفوع مبالغ فيه، وأن نيكو لم يثبت نفسه بعد في المحافل الكبرى. لكن في النهاية، الجميع يتفق أن اللاعب يملك خامات عالية، وأن وجوده تحت إشراف غوارديولا قد يصنع منه نجمًا عالميًا خلال وقت قصير. صفقة تصنع مشروعًا... وليست مجرد تعزيز
نيكو غونزاليس ليس مجرد لاعب جديد في مانشستر سيتي. إنه رمز لمرحلة إعادة الهيكلة، والبحث عن التوازن، وتحقيق العمق في مركز محوري بالميدان. الصفقة أُنجزت بحنكة مالية، واستفاد منها حتى نادٍ ثالث (برشلونة)، لكنها تبقى في جوهرها استثمارًا طويل الأمد في مشروع بيب غوارديولا.
هل سينجح نيكو في فرض اسمه سريعًا؟ هل سيصبح ركيزة جديدة في وسط السيتي كما كان فرناندينيو أو غوندوغان سابقًا؟ الأيام ستُجيب، لكن المؤشرات الأولية توحي بأن مانشستر سيتي يتحرك بثقة في سوق الانتقالات... وبأن المستقبل قد يكون أكثر إشراقًا مما يظن المشككون.