https://otieu.com/4/9519667 ريمونتادا تاريخية لريال مدريد تنتهي بفوز قاتل على مانشستر سيتي

ريمونتادا تاريخية لريال مدريد تنتهي بفوز قاتل على مانشستر سيتي


ريال مدريد يُسقط مانشستر سيتي في ليلة لا تُنسى: دراما أوروبية عنوانها القتال حتى النهاية

في واحدة من أعظم مباريات دوري أبطال أوروبا في السنوات الأخيرة، كتب ريال مدريد فصلًا جديدًا في تاريخه المجيد، حين قلب الطاولة على مانشستر سيتي في مباراة مثيرة شهدت كل عناصر المتعة: الأهداف، التوتر، اللحظات الحاسمة، والعودة من بعيد. 

كان كل شيء يشير إلى ليلة إنجليزية، حتى قرر رجال المدرب كارلو أنشيلوتي أن يعيدوا رسم سيناريو اللقاء بقلم مدريد، على طريقتهم الخاصة.

شوط أول: سيطرة زرقاء وأقدام نرويجية تضرب أولًا

منذ الدقائق الأولى، أظهر مانشستر سيتي نيته الواضحة في السيطرة على مجريات اللقاء. ضغط عالي، تمريرات دقيقة، وانتشار منظم أربك خطوط الريال، الذي بدا متحفظًا في البداية. ومع الدقيقة 19، ظهر المهاجم النرويجي إيرلينغ هالاند، الذي استغل عرضية كيفين دي بروين، ليضرب برأسه شباك تيبو كورتوا ويعلن عن التقدم الأول للفريق الإنجليزي.

رغم محاولات ريال مدريد للرد، إلا أن تماسك دفاع سيتي وتفوقه في خط الوسط حال دون تشكيل خطورة حقيقية على مرمى إيدرسون. انتهى الشوط الأول بنتيجة 1-0 لصالح الضيوف، ومعه شعور أن مانشستر سيتي يسير نحو تكرار إنجازه الأوروبي.

عودة ريال مدريد تبدأ من مبابي: الدقيقة 60 نقطة التحول

دخل الريال الشوط الثاني بأسلوب مختلف. أخرج أنشيلوتي تعليماته، رفع نسق اللعب، وتحرك الثلاثي الهجومي بنشاط ملحوظ. وفي الدقيقة 60، كانت الانطلاقة القوية من رودريغو على الجهة اليمنى، قبل أن يمرر كرة عرضية وجدت مبابي في المكان المناسب، ليودع الكرة في الشباك معلنًا عن التعادل. هدفٌ أشعل المدرجات، وأعاد الأمل إلى القلوب البيضاء في البرنابيو.

الهدف غير التوازن النفسي في اللقاء. تحرر الريال، وبدأ سيتي يشعر بالضغط، لكن الأمور لم تسر كما توقع عشاق الميرينغي، لأن الدقيقة 80 حملت تطورًا دراميًا جديدًا. خطأ دفاعي من ألابا، تبعه تدخل متهور على برناردو سيلفا، أجبر الحكم على احتساب ركلة جزاء. تقدّم لها هالاند مجددًا، وسددها بثقة، مضيفًا الهدف الثاني له ولفريقه.

في تلك اللحظة، ظن الجميع أن المباراة قد حُسمت. لكن ما لا يعرفه البعض، هو أن الريال لا يموت أبدًا حتى صافرة النهاية.

إبراهيم دياز... الورقة الرابحة تُشعل الجنون

عندما قرر أنشيلوتي إشراك إبراهيم دياز في الدقيقة 84، لم يتوقع أحد أن يكون هذا التبديل هو الشرارة التي ستغير كل شيء. دخل اللاعب المغربي الأصل بإصرار نادر، وبعد دقيقتين فقط، تلقى تمريرة ذكية من فينيسيوس على حدود منطقة الجزاء، فتلاعب بدفاع السيتي وسدد كرة أرضية زاحفة على يمين الحارس إيدرسون، معلنًا هدف التعادل.

الملعب اهتز. الأصوات علت. والضغط عاد بكامل ثقله على كتيبة بيب جوارديولا، التي بدت مرتبكة فجأة، وكأن الهدف أصابها بصفعة فنية أفقدتها التركيز.

الضربة القاضية من بيلينغهام: مدريد لا يرحم في الوقت القاتل

ومع دخول الوقت بدل الضائع، وبينما استعدت الجماهير لاحتمال الأشواط الإضافية، كان جود بيلينغهام يفكر في شيء آخر. الشاب الإنجليزي، الذي أثبت في أكثر من مناسبة أنه يملك شخصية أكبر من عمره، استغل تمريرة خرافية من لوكا مودريتش، تسلل خلف الدفاع وسدد بلمسة واحدة كرة مرت بين أقدام الحارس.

هدف ثالث في الوقت القاتل، أعاد ذكريات الريمونتادا ضد باريس، وتشيلسي، والسيتي نفسه في المواسم الماضية. وكأن ريال مدريد كُتب عليه أن يُعزف بأوتار الأعصاب، وأن ينتصر دائمًا في اللحظات التي يميل فيها الجميع لليأس.

بيب جوارديولا: صدمة تكتيكية وإنسانية

في الجهة الأخرى، جلس بيب جوارديولا على دكة البدلاء مذهولًا. لم تكن الخسارة مجرد خروج من مباراة، بل تكرار لسيناريو لطالما طارده في الليالي الأوروبية أمام الريال. فمع كل تألق تكتيكي وسيطرة ميدانية، كان هناك دومًا مشهد درامي يخرج من سيناريو مدريد في اللحظات الأخيرة، يحوّل الفوز إلى صدمة، والانتصار إلى حسرة.

رغم هدفَي هالاند، الذي رفع رصيده الأوروبي إلى 49 هدفًا في 48 مباراة فقط – رقم خارق بكل المقاييس – لم يكن ذلك كافيًا لإيقاف عزيمة ريال مدريد. وهو ما دفع جماهير السيتي للتساؤل: ماذا ينقصنا أمام هذا الفريق؟ الإجابة قد تكون ببساطة... شيء اسمه "جينات الأبطال".

فينيسيوس: الرجل الخفي وراء التحول

ورغم عدم تسجيله، كان فينيسيوس جونيور رجل المباراة بلا منازع. لمساته، تمريراته، حركته بين الخطوط، خلقت المساحات ومنحت الفريق ديناميكية عالية، ساهمت في قلب اللقاء. وجوده كان بمثابة المحرك الصامت لكل هجمة خطيرة، ودوره التكتيكي تطور كثيرًا، مما يثبت مرة أخرى أنه بات من الأعمدة الكبرى لهذا الفريق.

رسائل من ليلة مدريدية أوروبية لا تُنسى

هذه المباراة لم تكن مجرد فوز لريال مدريد، بل رسالة لكل من يشكك في قدرة هذا الفريق على العودة، على التحدي، وعلى الانتصار مهما كان الخصم.

 أثبت أن كرة القدم لا تُلعب فقط بالخطط، بل بالإيمان، وبالثقة، وبقلب لا يعرف الخوف.

أما مانشستر سيتي، فقدم مباراة كبيرة وكان قريبًا من العبور، لكن الدروس الأوروبية تبقى قاسية، خصوصًا حين تتعلق بالملك المتوَّج على عرش البطولة.

 مدريد لا يتغير... والمجد لا يُعطى بل يُنتزع

في النهاية، تظل هذه المباراة حكاية تُروى، فصلًا جديدًا في ملحمة لا تنتهي، عنوانها: "حينما تظن أن ريال مدريد قد انتهى... كن واثقًا أنه بدأ للتو." في وقتٍ تتغير فيه فرق، وتتهز فيه عروش، يبقى ريال مدريد الرقم الثابت في معادلة المجد الأوروبي، لا يعرف الاستسلام، ولا يُصدّق النهايات قبل أن يكتبها بنفسه.