فينيسيوس جونيور يدخل عالم الاستثمار الرياضي: من نجم في البرنابيو إلى مالك في البرتغال
في تحول لافت يعكس نضجًا شخصيًا واحترافية اقتصادية متزايدة، خطف النجم البرازيلي فينيسيوس جونيور الأضواء مجددًا، ليس من خلال أهدافه السريعة أو مراوغاته النارية في سانتياغو برنابيو، بل من خلال خطوة مفاجئة في عالم المال وكرة القدم، حيث أصبح المالك الشريك لنادي ألفيركا البرتغالي، الذي ينافس حاليًا في دوري الدرجة الثانية.
الصفقة، التي بلغت قيمتها نحو 8 ملايين يورو، منحت فينيسيوس وشركاءه حصة تتراوح بين 70 إلى 80% من أسهم النادي، وفقًا لما أوردته تقارير إعلامية برازيلية أبرزها موقع UOL. ومع هذا الإعلان، بدا أن اللاعب الشاب قد بدأ رحلة موازية لمسيرته داخل المستطيل الأخضر، لكنها لا تقل أهمية أو طموحًا.
لماذا ألفيركا؟ ولماذا الآن؟
قد يبدو اختيار نادي صغير نسبيًا مثل ألفيركا مفاجئًا لأول وهلة، خصوصًا بالنسبة لنجم عالمي يلعب في صفوف أحد أعظم أندية التاريخ، لكن المتابعين لحركة الاستثمار الرياضي يعرفون أن مثل هذه الخطوات نادرًا ما تكون عشوائية.
ألفيركا ليس غريبًا عن الكرة البرتغالية، فهو نادٍ عريق يعود تاريخه إلى أكثر من 80 عامًا، سبق له اللعب في الدوري الممتاز في أوائل الألفية، ويمتلك بنية تحتية محترمة على مستوى الأكاديميات والمواهب المحلية. الأهم من ذلك، أن موقع النادي بالقرب من العاصمة لشبونة يجعله مؤهلاً لأن يكون منصة مثالية لتطوير اللاعبين وتسويقهم إلى أندية النخبة في أوروبا.
فينيسيوس يدرك ذلك جيدًا. البرتغال تمثل بوابة عبور لأغلب اللاعبين البرازيليين إلى أوروبا، والكرة البرتغالية تعرف بقدرتها الفائقة على صقل المواهب الشابة. وربما رأى فينيسيوس نفسه يومًا ما شابًا موهوبًا ينتظر فرصة، وها هو الآن يمنح الفرصة لآخرين من خلال منصة يمتلكها جزئيًا.
الاستثمار بعين اللاعب: قراءة ذكية
ليس سهلًا على لاعب في عز مجده أن يضع قدمًا في ملعب آخر خارج الكرة، لكن فينيسيوس يبدو مدركًا لما يفعله. ففي عمر الـ24 فقط، بات نجم ريال مدريد أحد أبرز نجوم العالم، وقد تجاوز بالفعل الكثير من العقبات في مسيرته القصيرة — من العنصرية إلى الضغوط الإعلامية إلى صعوبة التأقلم في بدايته.
لكن الأهم هو ما يبنيه في الخلفية: فريق إداري يسانده، رؤى اقتصادية بعيدة المدى، وشغف واضح بالتأثير في ما هو أبعد من مجرد تسجيل الأهداف. دخول مجال التملك الرياضي يعطيه فرصة لبناء إرث، وإثبات أن ذكاءه لا يقتصر على تحركاته داخل منطقة الجزاء.
مستقبل ألفيركا في ضوء الملكية الجديدة
في أعقاب هذا الاستثمار، أعلن النادي البرتغالي عن طموحاته الواضحة: الوصول إلى الدوري الممتاز البرتغالي خلال السنوات القليلة المقبلة، وخلق نموذج حديث يعتمد على تطوير اللاعبين الشباب وبيعهم بطريقة مستدامة.
وجود فينيسيوس كشريك ومساهم رئيسي يُعطي للنادي دفعة كبيرة، ليس فقط من حيث المال، بل من حيث الترويج والسمعة.
يكفي أن اسم فينيسيوس بات مرتبطًا الآن بألفيركا، حتى تبدأ الصحف العالمية والوكالات الرياضية بمراقبة تحركات النادي.
وليس من المستبعد أن نرى في المستقبل انتقالات شبابية من البرازيل مباشرة إلى ألفيركا، ومن ثم إلى أندية النخبة في إسبانيا أو إنجلترا، تحت إشراف فينيسيوس نفسه، الذي يعرف جيدًا كيف تُدار الموهبة عندما توضع في المكان المناسب.
شغف البرازيل... يمتد إلى أوروبا
ما يفعله فينيسيوس هنا لا يُمثل فقط استثمارًا فرديًا، بل يحمل طابعًا اجتماعيًا وقيميًا أيضًا. فكثير من اللاعبين البرازيليين، رغم النجومية، يظلون مرتبطين بجذورهم، ويرغبون في إعادة شيء ما للعبة التي منحتهم كل شيء. وفيني، كما يُلقبه عشاقه، يبدو أنه قرر أن يُعيد لهذا العالم من خلال تطوير نادٍ أوروبي صغير وتوسيعه كمشروع.
وفي هذا السياق، يُمكن تخيل أن الهدف ليس فقط ربح المال، بل خلق نموذج يُثبت أن اللاعب يمكن أن يكون مستثمرًا ناجحًا، ومُلهمًا للأجيال القادمة. وكأن فينيسيوس يُرسل رسالة مشفرة لكل لاعب شاب: فكر في مستقبلك منذ الآن، الكرة لا تدوم، لكن الأفكار تبقى.
ما الذي يعنيه هذا لريال مدريد؟
من الطبيعي أن يتساءل البعض: هل سيؤثر ذلك على تركيز فينيسيوس مع ريال مدريد؟ الواقع يقول إن فيني يملك قدرة نادرة على الفصل بين ما هو شخصي واحترافي. ما قدمه مع النادي الملكي في المواسم الأخيرة — من أهداف حاسمة، إلى تتويجات بدوري الأبطال، إلى الشراكة المنتظرة مع مبابي — يُظهر أنه لا يزال ملتزمًا بالكامل بمشروع ريال مدريد.
وربما، على العكس، ما يقوم به خارج الملعب يعزز صورته داخل النادي، كنجم ناضج يرى كرة القدم بشكل شمولي، وليس فقط من منظور اللاعب.
لاعب يكتب سطورًا جديدة في تاريخ اللعبة
في النهاية، قد تكون هذه الخطوة حجرًا أول في بناء "فينيسيوس رجل الأعمال"، لكنها قبل ذلك دليل على أنه لاعب يفكر برؤية أوسع من مجرد المجد الفردي. هو يدرك أن كرة القدم ليست فقط ما يحدث داخل الميدان، بل ما تتركه من أثر خارجه.
وإذا كانت أهدافه وأداؤه داخل البرنابيو تكتب التاريخ، فإن استحواذه على ألفيركا ربما يكون بداية فصل جديد — فصل يضعه يومًا ما في صفوف اللاعبين الذين تحولوا إلى صُنّاع قرار، ومهندسي كرة القدم المستقبلية.