إقالة مدرب البرازيل دوريفال جونيور بعد الهزيمة أمام الأرجنتين.. والاتحاد يبحث عن بديل
في خطوة لم تفاجئ المتابعين بقدر ما أكدت حجم الأزمة التي يعيشها المنتخب البرازيلي، أعلن الاتحاد البرازيلي لكرة القدم عن إقالة المدرب دوريفال جونيور من منصبه بعد الخسارة الثقيلة أمام الأرجنتين بنتيجة 4-1 في تصفيات مونديال 2026.
هذه الهزيمة لم تكن مجرد تعثر عابر، بل جاءت كالقشة التي قصمت ظهر البعير، لتضع حدًا لمسيرة قصيرة للمدرب الذي تولى المسؤولية في يناير 2024.
أزمة نتائج متواصلة
منذ تولي دوريفال جونيور قيادة المنتخب، لم يتمكن من بناء مشروع فني واضح. فالبرازيل التي اعتادت أن تكون المرشحة الأولى في أي بطولة، بدت بلا هوية واضحة داخل الملعب. النتائج المتذبذبة في المباريات الودية والتصفيات، بالإضافة إلى العقم الهجومي والارتباك الدفاعي، جعلت الجماهير تفقد ثقتها سريعًا بالجهاز الفني.
الهزيمة أمام الأرجنتين زادت من حدة الانتقادات، خاصة وأنها جاءت بنتيجة كبيرة على يد الخصم الأزلي. هذه الخسارة أكدت أن المنتخب في طريقه نحو أزمة حقيقية إذا لم يتم التدخل بسرعة. لذلك لم يكن غريبًا أن يقرر الاتحاد إقالة دوريفال جونيور دون تردد، في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان.
البرازيل.. أزمة مدربين متكررة
الإقالة الأخيرة ليست سوى فصل جديد في مسلسل طويل من التغييرات على رأس الجهاز الفني للسيليساو. فمنذ رحيل تيتي بعد مونديال 2022، لم يعرف المنتخب البرازيلي الاستقرار. تعدد الأسماء وتنوع المدارس التدريبية لم يثمر عن بناء فريق متماسك قادر على المنافسة في أعلى المستويات.
هذا الاضطراب المستمر يطرح تساؤلات جوهرية:
- هل المشكلة في اختيار المدربين أنفسهم؟
- أم أن الخلل أعمق ويتعلق بغياب رؤية استراتيجية واضحة للمنتخب على المدى البعيد؟
البرازيل، التي لطالما كانت مدرسة لكرة القدم الجميلة، باتت تبحث عن هويتها المفقودة في ظل تغيرات كبرى في أسلوب اللعب العالمي.
البحث عن البديل.. أنشيلوتي على الطاولة من جديد
مع إعلان الإقالة، بدأت التكهنات مباشرة حول هوية المدرب الجديد. اسم كارلو أنشيلوتي عاد للواجهة بقوة، خاصة وأن الاتحاد البرازيلي حاول التعاقد معه في وقت سابق، ويُنظر إليه على أنه الشخصية القادرة على فرض الانضباط وإعادة الثقة.
أنشيلوتي يتمتع بخبرة عالمية هائلة، ونجح في تدريب كبار الأندية الأوروبية والتعامل مع النجوم في مختلف البيئات. لكن السؤال: هل سيكون مستعدًا لترك ريال مدريد والدخول في مغامرة مع منتخب يعيش ضغوطًا جماهيرية هائلة؟
في حال تعثر التفاوض مع أنشيلوتي، تبرز أسماء أخرى مرشحة، مثل:
- جورجي جيسوس: المدرب البرتغالي الذي يملك خبرة كبيرة في البرازيل بعد نجاحه مع فلامنغو.
- أبيل فيريرا: مدرب بالميراس، الذي يُنظر إليه كواحد من أبرز الأسماء الصاعدة في كرة القدم اللاتينية.
التحديات التي تنتظر المدرب القادم
أياً كان الاسم الذي سيتولى قيادة المنتخب، فإنه سيواجه سلسلة من التحديات الصعبة، أبرزها:
- إعادة الثقة للجماهير واللاعبين بعد سلسلة النتائج المخيبة.
- تجديد الدماء وضخ عناصر شابة قادرة على تمثيل البرازيل حتى مونديال 2026.
- إعادة صياغة الهوية الفنية للمنتخب، الذي بدا متردداً بين الاعتماد على الكرة الهجومية التقليدية أو التوجه لأسلوب أكثر واقعية.
- التعامل مع المنافسة الشرسة في قارة أمريكا الجنوبية، حيث صارت منتخبات مثل الأرجنتين وأوروغواي أكثر استقراراً وتفوقًا في السنوات الأخيرة.
هل يعود المجد المفقود؟
البرازيل التي تمتلك تاريخًا عريقًا بخمسة ألقاب في كأس العالم، تجد نفسها اليوم في مأزق حقيقي. التغييرات المتكررة في الجهاز الفني قد تكون جزءًا من الحل إذا تم اختيار المدرب المناسب، لكنها قد تتحول إلى مشكلة أعمق إذا لم ترافقها خطة طويلة المدى واضحة المعالم.
الجماهير البرازيلية التي اعتادت على رؤية نجومها يتألقون في كل البطولات، أصبحت اليوم أكثر تشاؤماً، وسط تساؤلات جدية:
- هل ستنجح الإدارة في اختيار الرجل المناسب لإعادة السيليساو إلى القمة؟
- وهل يملك الجيل الحالي من اللاعبين القدرة على مقارعة الكبار إذا ما توفر له الاستقرار الفني؟
إقالة دوريفال جونيور ليست سوى انعكاس لأزمة أكبر يعيشها المنتخب البرازيلي.
فالهزيمة أمام الأرجنتين فجّرت الموقف، لكنها ليست السبب الوحيد وراء القرار.
المرحلة المقبلة ستكون حاسمة، لأن اختيار المدرب الجديد قد يحدد مستقبل البرازيل في مونديال 2026.
بين أنشيلوتي وجيسوس وفيريرا، يبقى الرهان على قدرة الاتحاد البرازيلي على اتخاذ القرار الصائب، وإلا فإن "راقصي السامبا" قد يجدون أنفسهم بعيدًا عن القمة لسنوات قادمة.