https://otieu.com/4/9519667 بيب غوارديولا: يعترف بضعف فريقه مانشستر سيتي هذآ الموسم

بيب غوارديولا: يعترف بضعف فريقه مانشستر سيتي هذآ الموسم

فلسفة بيب جوارديولا مابعد نتائج مانشستر سيتي

بيب غوارديولا: عندما يعترف العظماء بالضعف

في عالم كرة القدم الحديثة، حيث تتصدر لغة الأرقام والألقاب المشهد، قلّما نجد مدربًا يضع إنجازاته جانبًا ويتحدث بصدق عن الشعور بالفشل. في الغالب، يسعى المدربون إلى تبرير أي إخفاق، أو على الأقل التقليل من شأنه أمام الإعلام والجماهير. لكن بيب غوارديولا، أحد أعظم المدربين في تاريخ اللعبة، كسر هذه القاعدة مؤخرًا بتصريح صادم اعتبر فيه أن موسم مانشستر سيتي كان سيئًا، رغم أنه انتهى ببلوغ الفريق نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي، وضمان مقعد في دوري أبطال أوروبا، وتحقيق انتصارات هامة في الدوري الممتاز.

لماذا هذا التقييم السلبي؟

السؤال المطروح: ما الذي يدفع مدربًا بحجم غوارديولا، الذي عرف المجد في إسبانيا وألمانيا وإنجلترا، إلى وصف موسم فريقه بالفاشل نسبيًا؟ الجواب يكمن في معاييره الخاصة للنجاح. 

فغوارديولا لا يقيس التفوق بعدد الكؤوس في الخزائن فحسب، بل بالثبات في الأداء والاستمرارية في السيطرة، خاصة في الدوري الإنجليزي الممتاز، البطولة التي يراها المعيار الحقيقي لقوة أي فريق.

ففي تصريحاته لشبكة "سكاي سبورتس"، قال بوضوح: "ما يجعلك تشعر بأن الموسم جيد هو الدوري الإنجليزي الممتاز، وليس دوري أبطال أوروبا أو كأس الاتحاد الإنجليزي." هذا التصريح يفتح نافذة على عقلية غوارديولا الفريدة، التي تضع الاستمرارية فوق الإنجازات اللحظية. بالنسبة له، بطولة الدوري الممتاز التي تُلعب على مدى 38 جولة، تعكس المعدل الحقيقي لقوة الفريق، أكثر بكثير من أي مسابقة إقصائية قد تحسمها تفاصيل صغيرة أو لحظة حظ.

إعادة تعريف النجاح

القيمة المضافة في تصريحات غوارديولا تكمن في أنه لا يكتفي بالمكاسب الظاهرة. ففي وقت يرى فيه الكثيرون أن الوصول إلى نصف نهائي دوري الأبطال أو التتويج بكأس محلي يعد إنجازًا، يضع بيب معايير أكثر صرامة: السيطرة على الموسم بأكمله، وبثبات لا يتزعزع.

بذلك، لا ينحصر حديث غوارديولا في مجرد تقييم موسم رياضي، بل يتحول إلى طرح فلسفي حول معنى النجاح ذاته. فالبعض يرى أن التتويج ببطولة كافٍ لإطلاق الأحكام، بينما يؤمن غوارديولا أن القيمة الحقيقية تكمن في بناء فريق يفرض نفسه على مدى طويل، لا على لحظة عابرة. هذا الفهم يضعه في مواجهة مع النظرة السائدة في كرة القدم الحديثة، التي كثيرًا ما تخلط بين الحظ والقدرة، وبين إنجاز ظرفي وهيمنة مستمرة.

غوارديولا والتواضع القيادي

سر تميّز هذا التصريح لا يقتصر على عمق فكرته، بل يتجلى أيضًا في شجاعة صاحبه. فمدرب بحجمه، معتاد على الثناء والتصفيق، اختار أن يقف أمام الإعلام ليعلن أن فريقه لم يحقق المستوى المطلوب. هذه المحاسبة الذاتية تعكس نوعًا من التواضع النادر في كرة القدم، حيث الغالبية يفضلون تعليق الأخطاء على التحكيم أو الإصابات أو قلة الحظ.

 قليلون هم المدربون الذين يملكون الشجاعة ليقولوا إن موسمهم كان سيئًا رغم النتائج "المقبولة" على الورق. هذه القدرة على النقد الذاتي تعكس شخصية مدرب لا يقارن نفسه بالآخرين، بل بما يستطيع فريقه أن يحققه بالفعل.

تصريحه أيضًا رسالة ضمنية للاعبيه ومشجعيه: "المعايير لا تتغير حتى لو تعثرنا." وهو بذلك يرسخ مبدأ أن النجاح لا يقاس بالوصول إلى لحظة معينة، بل بالقدرة على الحفاظ على المستوى والروح التنافسية باستمرار.

العمل حتى اللحظة الأخيرة

من النقاط اللافتة أيضًا في حديثه، تأكيده على "محاولة الحد من الضرر حتى النهاية". 

هذا الجانب يظهر فلسفة غوارديولا في العمل: حتى لو كان الموسم دون التوقعات، لا مكان للتراخي أو الاستسلام، بل هناك دائمًا سعي لتقليل الخسائر وتحقيق أقصى ما يمكن من المكاسب.

إنها فلسفة القتال حتى اللحظة الأخيرة، والتي لطالما ميزت فرق غوارديولا في برشلونة وبايرن ميونخ ومانشستر سيتي.

قيادة تتجاوز النتائج

في النهاية، تصريح غوارديولا لم يكن مجرد تبرير لموسم أقل من المتوقع، بل كان درسًا في القيادة. القيادة التي تقوم على المحاسبة الذاتية، وعلى رفع سقف الطموحات باستمرار. غوارديولا لا يرى نفسه مجرد مدرب يحقق الألقاب، بل قائد مشروع طويل الأمد، حيث المعيار الأساسي هو الجودة المستمرة لا النهايات السعيدة فقط.

إن اعترافه بالضعف ليس نقطة ضعف، بل أحد أسرار قوته التي تبقيه دائمًا في القمة، حتى في المواسم التي يصفها بـ "السيئة". وهو بهذا يثبت مرة أخرى أنه ليس مجرد مدرب ناجح، بل عقلية استثنائية تعيد تشكيل مفاهيم النجاح والفشل في كرة القدم الحديثة.



' class='toctitle' for='naToc'>
    `+html+`
`;/**/